طالبان أمريكانى - أحمد مجاهد - بوابة الشروق
الإثنين 6 يناير 2025 10:48 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

طالبان أمريكانى

نشر فى : الإثنين 13 سبتمبر 2010 - 10:07 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 14 سبتمبر 2010 - 4:16 م
كتب الشاعر الكبير فؤاد حداد ديوانين كاملين فى محبة الإسلام ورسوله، وقد قاده الوجد الصوفى إلى الإقرار بأن سحر المشاهدة فى الحضرة الزكية هو الذى أملى عليه ما كتب:
فى الروضة نسمه بتاخدنى ونسمه بتجيبنى
نظر النبى نظره من أرض لسما تبنى
من ألف عام العبير قاصد يطيِّبنى
أما الكلام المُبين بالصدق يوهبنى
ابقوا اسألوا نفسكم والّا اسألوا ابنى
أنا كتبت الكلام دا بالقلم والّا
كان الكلام دا قلم أخضر بيكتبنى
علشان باحب النبى

وقد حرص حداد فى هذه التجربة على إبراز سماحة الإسلام البادية
منذ أن بدأ نوره يشرق على الدنيا والباقية إلى يوم الدين، حيث يقول:

فى مطلع القرن الخمستاشر
والرمل يبرد والدهب سايل
زى الشعاع مفرود ما يتمايل
والشمس شايله وحاطّه أبياتها
سَجْع الحمام فى مشربيتها
كَحَّل عيون الدنيا سجع الحمام
وانا الذى ساجد مع الساجدين
وفارش خيالى لآخر الميادين
جناين الإسلام أحن وأرحب
من ألف مَنّ وسلوى بالفدادين
وإذا كان هذا هو حال الإسلام، فإن حال رسوله الصادق الأمين قدوة المسلمين تدعم بالفعل والقول هذا التسامح الإنسانى النبيل، حيث يقول:
أول ما نبدى القول نصلى على النبى
سيد ولد عدنان وكان الأمين
وكان مثال الإنسانية الكامله
الدين عباده وحق، والدين معامله
ما يحبش الكلمه اللى تؤذى
ما يحبش النظره لأخوك من فوق
يا اهل الأمانه والندى والشوق
الدين يحب الخير لكل العباد

وإذا كان هذا هو جوهر الدين، أى دين، فإن دعوة القس الإنجيلى الأمريكى تيرى جونز إلى حرق المصاحف فى ذكرى اعتداءات الحادى عشر من سبتمبر لا يمكن أن توصف إلا بأنها عنصرية خالصة وليست دعوة مسيحية، والدليل على دقة هذا التصنيف وصف البابا شنودة لهذا الرجل بأنه ليس رجل دين، وبأن دعوته تسىء للكنيسة.

وإذا كان الرئيس أوباما قد أعلن فى حديث غير مباشر عن المشكلة أن عيد الفطر مناسبة للتفكير بأهمية التسامح الدينى والاعتراف بالدور الإيجابى الذى لعبه المؤمنون فى كل المعتقدات وبينهم مسلمون فى الحياة الأمريكية، فإنه قد أعلن أيضا أن حرق المصحف منجم تجنيد للقاعدة، ويمكن أن يزيد من تجنيد الأفراد المستعدين لتفجير أنفسهم فى مدن أمريكية وأوروبية، وهو بهذا يلقى تداعيات هذه الفعلة الشنعاء على الغير ناظرا للمصلحة الأمريكية الضيقة، بدلا من أن يعترف بأن هذا الموقف أبشع من موقف تحطيم طالبان لتماثيل المعابد البوذية الذى استنكره المسلمون، وأنه موقف عدوانى متخلف يعيد الإنسانية للوراء آلاف الأعوام فى دولة تتشدق بتصدير الديمقراطية وحقوق الإنسان للعالم أجمع، وعلى رأسها بالطبع حرية العقيدة. فهل سيقف العالم ضد أمريكا كما فعل مع طالبان؟ أم أنه مازال يكيل بمكيالين ومازال البقاء للأقوى كما كان الحال عند ظهور الإسلام فى المجتمع الجاهلى، حيث يقول حداد:

دوت فى مكه كلمة «الرحمن»
دوت فى مكه «علَّم القرآن»
وصلت ما بين إنسان وبين البيان
وكان معاه فى الأصل شمس وقمر
وكان معاه نجم وشجر يسجدان
وصوته عالى أرعش الظلمه
ساعة ما قال «لا تخسروا الميزان»
ضربوه لأن الضرب فى قدرتهم
والابتسام والصبر فى قدرته
ضربوه لأنه ميزانهم الخاسر
ولأنه فى الفقرا من الفتيان

إن الحضارات الكبرى تعلى دائما من شأن القيم الإنسانية النبيلة والمشتركة كالحق والخير والجمال، بل إنها تهتم بالكائنات الحية الأخرى مثل النبات والطير، هكذا فعلت الحضارة العربية الإسلامية حين استقت حروفها منها، حيث يقول حداد:

كل الحروف الماجِدَه العربيه
فيها النبات والطير وراضيه وأبيَّه
كل الحروف فيها اتزان الألف
لما يحاول قمة العلياء
ودلاله لما ينحنى ع الياء
والكل لما بيختلف يأتلف
سكنوا الشجر فى حدائق الأحياء
على كل غصن من الغصون قمرى
ابن جناحين أزهر وزيتونه
وهديل فى قلب المؤمنين يمرى
أهل المجال والحكمه يفتونا
أنا بالمصاحف عينى مفتونه
وبغض النظر عن الدين، أتمنى أن تخلف الحضارة الأمريكية السائدة ما يمكن أن يضاف للتراث العالمى ونستطيع وصفه فى الوقت نفسه بأنه إنسانى.
التعليقات