أريد أن أعتذر عن هواجسى المريضة تجاه دولة قطر الشقيقة، والتى بنيتها كلها على أباطيل وأوهام لا أساس لها، أيقظنى منها حديث الأستاذ محمد حسنين هيكل مع الإعلامية الأستاذة لميس الحديدى مساء الخميس الماضى على قناة سى بى سى.
كنت أظن أن قطر صنيعة أمريكية، فقد اكتشف الأمريكان أن إسرائيل حليفتهم الأولى والأبدية، غير قادرة على تحقيق طموحاتهم فى المنطقة، وأن اعتمادهم عليها وحدها قد يجلب لهم بعض الفائدة، لكنه قطعا لن يحقق الاستقرار المنشود فى منطقة غنية بحقول النفط، وأن تركيا على أهميتها لهم، تظل دولة غير عربية، فضلا عن ميراث من الاحتلال العثمانى يصنع حاجزا نفسيا بينها وبين جيرانها، أما قطر، فهى دولة عربية تربطها علاقة جيدة بإسرائيل، ومعاهدة للدفاع المشترك مع أمريكا، وبها واحدة من أكبر القواعد العسكرية الأمريكية فى الشرق الأوسط، كما أنها ــ وهذا مهم أيضا ــ لا مشكلة لها مع إيران الشيعية، بعكس السعودية حليف أمريكا الأقوى والأقدم، والتى تتهم إيران ومعها دول خليجية أخرى، بالسعى إلى زعزعة استقرار الخليج بدعم أقلياته الشيعية، أما قطر فهى تدعم حزب الله وحماس اللذين تدعمهما إيران، واللذان يتصدران ــ فى الميديا العربية ــ مشهد المقاومة للمشروع الصهيونى الاستيطانى، وهى ــ من ناحية ثانية ــ تقف فى طليعة المساندين للثورة السورية، والمطالبين بقوة برحيل بشار الأسد حتى لو تطلب الأمر تدخلا عسكريا دوليا، وهو موقف مناهض ــ حتى الآن على الأقل ــ لموقف إيران وحزب الله، وللموقف الحمساوى حتى وقت قريب، وإن كان متناسقا مع الموقف الأمريكى والإسرائيلى، وهو ما يجعلها تنال رضا قوى «الممانعة» المناهضة للمشروع الصهيونى من ناحية، وتحتفظ بصلاتها الاستراتيجية والتجارية والسياسية بأمريكا وإسرائيل من ناحية ثانية.
إنها ببساطة عملة ذات وجهين، ليس لديها تاريخ من المرارات لا مع أمريكا ولا مع إسرائيل، لديها حاكم طموح انقلب على أبيه سلميا قبل 18 عاما، ويرى لبلاده دورا أكبر مما يتصوره الآخرون، ليس فى جزيرة العرب فقط حيث الريادة السعودية التقليدية، وإنما فى منطقة الشرق الأوسط كله.
وحين قدمت قطر دعما ماليا لمصر توجست خيفة، وهو أمر يحدث لى عادة كلما سمعت عن منح أو قروض، فلا دعم بلا شروط، ولا قروض بلا ثمن، وزاد من مخاوفى تقرير زميلتنا النابغة دينا عزت، والتى قالت لها مصادرها الموثوقة إن الدعم القطرى مشروط بالحصول على مميزات خاصة فى مشروعات قناة السويس، وتسوية مشاكل المستثمرين القطريين فى مصر، وأمانة الجامعة العربية.
وحين رأيت رسما للفنان الكبير حلمى التونى فى جريدة «التحرير»، بدت فيه مصر البهية تبكى وهى تتلقى منحة قطر، طفرت دمعة من عينى، وذهبت مخاوفى مدى أبعد، حين تصورت أن سيناء تضيع برعاية قطرية إخوانية حمساوية.
لكن كلام الأستاذ هيكل أزال كل هذه المخاوف والهواجس فى لحظة واحدة، فقد قال لنا إن ما بين مصر وقطر لم يكن سوى خلافات نسوان (نسوان كلمة عربية فصيحة)، فقد أرادت سوزان مبارك أن تلعب دورا يفوق قدراتها، لعبته الشيخة موزة بامتياز ما أثار غيرة سوزان، هذا كل ما فى الأمر.
بقى لدى سؤال قد لا أجد إجابة عليه أبدا: هل كانت قطر ستدعم مصر لو وصل للسلطة طرف آخر غير الإخوان؟
لا علاقة للسؤال كما ترى بغيرة النسوان.