مبكرا جدا بدأت معركة الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقبلة، وما جرى ويجرى فى ملفات قد تبدو متباعدة هو فى حقيقة الأمر عمليات حرث للأرض التى تدار عليها المعركة، والتى يبدو أنها ستكون أعنف وأشرس مما جرى فى 2005.
من هذه الزاوية يمكن النظر إلى ما حدث فى المجلس القومى لحقوق الإنسان الذى جرى تجريفه وتفريغه من أى وجوه يشتم منها رائحة الاستقلالية والموضوعية، الأمر الذى يجعل من المجلس مجرد إدارة حكومية خالصة كل مهمتها تلقى الشكاوى وإمعان النظر فيها.. ثم حفظها.
ولذلك كان طبيعيا أن يتم إقصاء المفكر الدكتور أحمد كمال أبوالمجد من موقعه كنائب لرئيس المجلس، وأن يدور كلام له ما يدعمه من مجريات على الأرض بشأن تولى رئيس أكاديمية مبارك للأمن سابقا مسئولية الأمانة العامة بمجلس حقوق الإنسان.
وليس بعيدا عن ذلك عمليات إشعال الحرائق المدبرة بين صفوف المعارضة الممثلة فى الأحزاب والحركات الاحتجاجية.
ولعل أبرز مثال على ذلك تلك الوقيعة التى صنعت بدقة شديدة بين منسق حركة كفاية عبدالحليم قنديل وبين أعضاء داخل كفاية من جانب، وبينه وبين أعضاء فى حركات وأحزاب أخرى كالغد والجبهة و6 أبريل من جانب آخر، وذلك عن طريق اصطياده عبر سلسلة من التصريحات المغلوطة والمحرفة ضد مجموعات وطنية أخرى ربما تختلف معه فى الوسائل والأدوات، لكنها متفقة على الغاية والهدف.
وقد صعقت شخصيا حينما قرأت تصريحات منسوبة لعبد الحليم قنديل فى الزميلة «المصرى اليوم» (بالمناسبة لا يربطنى به سوى تشابه الأسماء وزمالة شديدة الاحترام فى صحيفة العربى) بدا من هذه التصريحات وكأن عبدالحليم قنديل يعادى الجميع ويكفرهم وطنيا.
وكانت المفاجأة الأكبر حين تحدثت معه معاتبا، أنه نفى ما نشر على لسانه، بل قال إنه أرسل توضيحا للصحيفة التى نشرت التصريح ولمن وردت أسماؤهم به، لكن يبدو أن الصحيفة لم تهتم وبنت على التصريح الأول موضوع المشكلة سلسلة من التقارير أدت فى النهاية إلى اتساع الفجوة بين كل الأطراف.
والمدهش فى الأمر أنه مع إشعال هذا الحريق اندلعت شائعة أخرى عن اختفاء عبدالحليم قنديل، ما يؤكد أننا مقبلون على مرحلة خطيرة للغاية فى التعامل الحكومى مع الأصوات المعارضة والمستقلة كلما اقترب موعد الانتخابات أكثر.
وأحسب أنه من الحتمى الآن أن تجتمع القوى الوطنية الساعية للتغيير فى مؤتمر صحفى تدعو له كل الأطراف التى يجمعها وحدة الهدف رغم اختلاف الوسائل لتنقى ثوبها مما علق به من اتهامات متبادلة، صدرت منها أو نسبت إليها زورا لتصفية الأجواء والالتفاف حول مشروع التغيير لأنه معلوم أن «الذئب يأكل من الغنم القاصية» مع خالص التقدير والاحترام للجميع.