ماسورة مجارى الفساد - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 9:47 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ماسورة مجارى الفساد

نشر فى : الإثنين 14 يونيو 2010 - 10:15 ص | آخر تحديث : الإثنين 14 يونيو 2010 - 10:15 ص

 جديد ما فعله الرئيس حسنى مبارك يوم الجمعة الماضى بإلغاء كل التعاقدات الخاصة بقرية آمون السياحية فى أسوان والمملوكة ــ كما نشر ــ لوزير الإسكان الحالى أحمد المغربى ووزير النقل السابق محمد منصور، لكن للأسف فإن القرار وحده لا يكفى، وإلا فإننا ببساطة سوف نعيد إنتاج منظومة الفساد.

ما قيل فى مجلس الشعب يوم الخميس الماضى وقائع تقشعر لها الأبدان لا يعالجها إلغاء الصفقة التى بموجبها حصل الوزيران على 338 فدانا بمبلغ 80 مليون جنيه ولم يسددا سوى 4 ملايين جنيه، وعطلا تسجيل العقد حتى لا يسددا بقية المبلغ.

المطلوب ببساطة أن يبادر الرئيس مبارك أو رئيس الوزراء أحمد نظيف أو النائب العام أو أى مسئول بإحالة الملف بأكمله إلى النيابة للتحقيق. حتى يتم إبراء ذمة الوزيرين أو إدانتهما ورد الحقوق للشعب، وإرسال رسالة واضحة للجميع بأنه لا أحد فوق القانون، إذا كان هذا الشعار ما يزال معمولا به.

لو لم يتم التحقيق فسوف يتكرر هذا المسلسل مرات ومرات، طالما أن أقصى عقوبة هى أن يتدخل الرئيس ويوقف الصفقة ويذهب كل فاسد إلى حال سبيله. المواطنون الأبرياء يتساءلون كيف تمت صفقة آمون، أين كانت الحكومة التى ادعت ذات يوم أنها تعرف دبة النملة، أين هى الأجهزة الرقابية والأمنية، وهل هى منشغلة فقط بالنشطاء السياسيين المعارضين؟!

يفترض أنها سجلت وقائع الفساد فى الصفقة، والمؤكد أن ما قاله النواب فى مجلس الشعب يعرفه المسئولون خصوصا أن أحد الذين كشفوا الصفقة هو نائب فى الحزب الوطنى، إذا لماذا لم تتحرك الحكومة وتوقف هذه المهزلة المستمرة منذ 3 سنوات!!

من تواطأ مع من؟! ومن غطى على من، وهل هناك صراع مكتوم داخل الحزب الوطنى هو المسئول عن كشف هذه الصفقة، وأن الفريق المناوئ للجنة السياسات هو الذى أسهم فى كشفها وتفجيرها؟!
كثيرون يشككون ويقولون إن وقائع الفساد التى يتم كشفها هذه الأيام لا تعنى أن الحكومة تحارب الفساد، لكنها مسألة تصفية حسابات بين الكبار. ويصعب إثبات ذلك، لكن قصة سليمان عامر الذى استولى على مئات الأفدنة بتراب الفلوس قد تعزر هذه الشكوك.

مخالفات هذا الإمبراطور معروفة ومثبتة منذ عشرات السنين، ثم فجأة يفتح ملفه الآن ويتم التعامل معه بلغة حاسمة وخشنة لا تتلاءم وأخلاق الحكومة التى تلاطف رجال الأعمال الكبار.

قصة سليمان عامر يمكنك أن تطبقها على نماذج أخرى كثيرة و«السليمانات» فى مصر صاروا كثيرين.. يظنون أنهم ملكوا الدنيا لأنهم جلسوا مع «الكبار قوى»، ثم يتخطون الخطوط الحمراء، فيتم خسفهم أسفل سافلين، وبعدها لا يملكون سوى مناشدة الرئيس أو نشر الصفحات الإعلانية مدفوعة الأجر.

للأسف فإن الفساد فى مصر صار يشبه انفجار ماسورة مجارى كبرى فى وسط ميدان ضخم.. ولذلك وبدلا من التأفف المستمر فإن على الحكومة أن تزيل هذه المأسورة تماما، أو تغلقها وهذا أضعف الإيمان.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي