من يتخذ قرار الحرب وتوقيتها؟! - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 8:47 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

من يتخذ قرار الحرب وتوقيتها؟!

نشر فى : الأحد 14 يونيو 2020 - 10:50 م | آخر تحديث : الأحد 14 يونيو 2020 - 10:50 م

على صفحات التواصل الاجتماعى، هناك كثير من المصريين يقولون: لماذا لا نوجه ضربة عسكرية سريعة إلى سد النهضة الإثيوبى، قبل أن يكتمل بناؤه، حتى لا يتسبب فى إصابة المصريين بالعطش بعد أن اتضحت نوايا أديس أبابا بتحويل السد إلى وسيلة لتعطيش مصر وابتزازها؟
نفس هؤلاء يسألون أيضا: لماذا لا نقوم بغزو ليبيا، حتى نجهض مخطط رجب طيب أردوغان وميليشياته ومرتزقته التى تهدد الأمن القومى المصرى؟
هذه الأسئلة تتكرر منذ شهور بصيغ مختلفة فى أحاديث المصريين العادية، وعلى السوشيال ميديا، لكنها زادت هذه الأيام، خصوصا مع استمرار التعنت والمماطلة الإثيوبية فى مفاوضات سد النهضة، ومع التدخل التركى السافر فى دعم حكومة ميليشيات طرابلس ضد الجيش الوطنى الليبى.
ليس دورى فى هذه السطور أن أتحول إلى خبير استراتيجى أو تكتيكى، كى أفتى وأطالب الجيش المصرى بالحرب أو عدم الحرب هنا أو هناك، لأننى وصلت إلى قناعة راسخة بأن موضوع الحرب شديد التعقيد ولا ينبغى أن يترك فقط لرغبات البسطاء والمتحمسين.
هل يفهم من كلامى أننى ألوم من يطالبون بالحرب دفاعا عن الأمن القومى المصرى سواء كان بهدف الحفاظ على مياه النيل أو حدودنا الغربية مع الشقيقة ليبيا أو فى أى قضية أخرى؟
إطلاقا لا ألوم هؤلاء، ولا ألوم من يطالبون بعدم الحرب خوفا من التورط؟!
قد يسأل سائل: ما هذا الإرباك والتشويش، الذى تصيبنا به، وأين هو موقفك بالظبط: هل أنت مع الحرب أم ضدها؟!
أنا مع الحفاظ على الأمن القومى المصرى بكل السبل، لكن كيفية تحقيق هذا الأمن وتفاصيله، يفترض أنه أمر يخص كبار المسئولين والخبراء السياسيين والعسكريين، ودورنا أن نشجعهم إذا أصابوا، وأن ننتقدهم إذا أخطَئُوا.
أقول ذلك لأن قرار الحرب، ليس أمرا سهلا، ويحتاج إلى حسابات كثيرة ومتنوعة ومعقدة، وبالتالى فلا يصح أن نتحول جميعا إلا جنرالات مقاهٍ، كى نفتى ونقول أن موعد الحرب قد حان، أو لم يحن طالما أننا لا نملك المعلومات الكاملة والشاملة المحيطة بمثل هذه القرارات الخطيرة.
ما أنا واثق منه أن القوات المسلحة المصرية تملك كل القوة والإرادة والعزيمة لحماية الأمن القومى المصرى، بمعناه الشامل، ولديها القدرة الكاملة على ردع كل من تسول له نفسه المساس بالأمن القومى المصرى.
هذا أمر مفروغ منه، لكن هناك أيضا حسابات كثيرة ومعقدة، منها ماذا بعد ذلك أو ما نسميه بـ«اليوم التالى» سياسا وعسكريا واقتصاديا ودوليا واقليميا؟
الطبيعى أن الدولة المصرية لديها سيناريوهات متنوعة وتفصيلية لكل الاحتمالات، وهذه الأمور لا يمكن بداهة الكشف عنها ومناقشتها علنا لأنها ببساطة سوف تفقد قيمتها، والأهم سوف تفقد الهدف منها وهو ردع الخصوم والأعداء.
وبالتالى فأتمنى ألا نتعامل كمواطنين مع الأمر، وكأنها خناقة فى شارع أو حارة أو حتى عملية خاطفة تنتهى خلال ساعات أو أيام.
مرة أخرى القضية متشعبة وتتضمن معلومات كثيرة ومتشابكة ومتقاطعة، ومن تظنه صديقك قد يكون فى واقع الأمر عدوك والعكس صحيح. ودول كثيرة قد تسعى لتوريطك هنا أو هناك، وتفاصيل كثيرة ليست متاحة أمام المواطن البسيط حتى يدرك حجم تعقيد الأمور.
مرة أخرى من حق المواطنين المصريين أن يقلقوا من التطورات المتسارعة فى المنطقة، ومن حقهم أن يقلقوا من التهديدات التركية والإثيوبية، بل ومن العدو الأصلى الرابض فى فلسطين المحتلة، ويستفيد من كل هذه المصائب وربما يحركها، ومن حقهم أن يطمئنوا إلى أن دولتهم وقيادتهم لن تخذلهم فى الدفاع عن الأمن القومى لبلدهم، خصوصا حقهم فى مياه النيل الذى أراه الأولوية الأولى للأمن القومى المصرى الآن.
لكن الهدف من كل السطور السابقة هو أن ما نعيشه الآن ليس مباراة كرة قدم بين الأهلى والزمالك، نتحول فيها جميعا إلى مدربين عالميين، نعتقد اننا نفهم فى التكتيك والاستراتيجية، ونضع الخطط ونريد أن نحقق فورا على أرض الملعب أو أرض المعركة!
الأمر شديد الصعوبة وكل ما نملكه أن ندعو الله أن يلهم المسئولين التوفيق والسداد على اتخاذ القرار الأصح الذى يحافظ على أمننا ومصالحنا وحقوقنا فى كل الاتجاهات والجبهات.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي