لا شك فى أن قرار المحكمة الإسرائيلية العليا هذا الأسبوع، والقاضى بإلغاء «قانون التسوية» [الذى يهدف إلى شرعنة أعمال البناء الاستيطانية الإسرائيلية التى أُقيمت على أراض ذات ملكية خاصة فى الضفة الغربية] يُعتبر حساسا للغاية فى الوقت الحالى، وذلك بسبب وجود نيات لدى الحكومة الإسرائيلية لضم أراض فى مناطق يهودا والسامرة [الضفة الغربية]. وبناء على ذلك، يجب أولا وقبل أى شىء التطرق إلى مسألة توقيته. ولا أعتقد أن المحكمة العليا موبوءة أو متأثرة بأى اعتبارات سياسية، على الرغم من أن كثيرين يتهمونها بذلك.
وأكدت رئيسة المحكمة العليا القاضية إستير حيوت فى قرار إلغاء «قانون التسوية»، أن هذا القانون غير دستورى. وكتبت أنه قانون يسعى لشرعنة أعمال غير قانونية ومن خلال مس حقوق مجموعة سكانية أُخرى.
وردا على إلغاء «قانون التسوية»، تصاعدت حدة الانتقادات من طرف رؤساء الأحزاب اليمينية حيال المحكمة العليا. واقترح بعضهم الرد على هذا الإلغاء بتمرير تعديل ما يسمى «فقرة التغلب» [التى تتيح للكنيست إمكان إعادة سن قوانين تلغيها المحكمة العليا] وفرض السيادة الإسرائيلية على جميع مناطق يهودا والسامرة وغور الأردن.
لكن فى الوقت عينه، كلما اقترب موعد بدء عملية الضم الأحادى الجانب فى يهودا والسامرة وغور الأردن [الأول من يوليو المقبل]، تتصاعد أكثر فأكثر الأصوات التى ترى أن هذه العملية تنطوى على رهان خطر من شأنه أن يمس أمن إسرائيل. وتعتقد هذه الأصوات أن نتائج هذه العملية يمكن أن تكون كارثية ولا رجعة عنها.
إن أى عملية ضم أحادية الجانب تنطوى على العديد من المخاطر. ولا يبدو لى أنها تحمل معها فرصة تاريخية أو استراتيجية، بل تخدم أساسا حاجات سياسية. وعمليات الضم الأحادية الجانب من شأنها أيضا أن تمس اتفاق السلام مع الأردن، وأن تقوض الاستقرار فى حدودنا الشرقية. كما أنها يمكن أن تجمد التقارب الحاصل فى الفترة الأخيرة بين إسرائيل ودول خليجية.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تترتب على عمليات أحادية الجانب كهذه تداعيات داخل إسرائيل، سواء على مستوى توسيع وتعميق التشرذم فى المجتمع الإسرائيلى، أو على مستوى تعاظم حملات الهجوم على المحكمة العليا وقضاتها.
أيضا ثمة مشكلة أُخرى يمكن أن تنشأ فى إثر الضم، وهى ازدياد الفجوة القائمة بين اليهود والعرب، وزيادة احتمال اندلاع أعمال عنف فى الميدان، سواء من خلال أعمال شغب أو عمليات إرهابية.
كذلك يمكن أن تترتب على عمليات ضم أحادية الجانب تداعيات على المستوى الدولى، مثل إمكان المساس بمكانة إسرائيل فى العالم، وتعريض جنود ومواطنين لدعاوى قضائية فى أرجاء العالم، وفى حال انتخاب المرشح الديمقراطى جو بايدن الذى يعارض الضم رئيسا للولايات المتحدة فى نوفمبر المقبل، من المتوقع أن تندلع أزمة عميقة بيننا وبين الدولة الأعظم والأهم بين أصدقائنا.
يعقوب بيرى
الرئيس السابق لجهاز الأمن العام [«الشاباك»]
معاريف