المجلس العسكرى، أولا، يغادر السلطة فى أسرع وقت (يا ريت قبل 30 يونيو 2012 قدر المستطاع) والحقيقة لو كان الأمر بيدى لحاكمت كل من قدم وكل من استجاب للاقتراح الخاص بتأجيل الانتخابات التشريعية من يونيو إلى نوفمبر حيث إن 90 بالمائة من كوارث الفترة الانتقالية حدثت خلال تلك الفترة بل على العكس لو كان الهدف أن يتم إعطاء فرصة أكبر للثوار والقوى الليبرالية كى تمثل فى البرلمان، فكانت الفرصة الأكبر لهم آنذاك. لكن الكل، بما فى ذلك الليبراليون، لعبوا لصالح المحافظين دينيا، والآن يشتكون.
ثانيا، الدستور لا بد أن يكون توافقيا بما يضمن الحقوق والحريات العامة المنصوص عليها فى دستور 1971 ومع تضمين الدستور للتعديلات الدستورية التى أقرها الشعب فى مارس الماضى. وأن تكون الجمعية التأسيسية ممثلة للجميع كبارا وشبابا، مسلمين ومسيحيين، رجالا ونساء، يمينا ويسارا، إخونا وسلفيين وصوفيين، وعلمانيين، أدباء وأطباء، علماء ومثقفين، نقابيين وعمالا وفلاحين بنسبة متوازنة وبدون تدخل من المجلس الأعلى للقوات المسلحة أو من المجلس الاستشارى أو من الحكومة. ولا أعتقد أن أيا من هؤلاء أمناء على الوطن أكثر من النواب المنتخبين. وبصراحة، لو كان لى أن أختار بين ثقتى فى المجلس الأعلى للقوات المسلحة بعد أدائه السياسى فى الشهور العشرة الأخيرة وبين البرلمان المنتخب، أيا كانت الأغلبية، فأنا مع البرلمان. هذا ليس فقط اختيار استنباط من النظرية الديمقراطية التى تحذرنا من قرارات الجهات غير المنتخبة، ولكن اختيار استقراء من الأداء السياسى للمجلس العسكرى، لاسيما بعد أحداث ماسبيرو، وأحداث محمد محمود التى لم يزل عقلى وقلبى غير قادرين على تجاوز ما حدث فيهما من قتل لمصريين بأيد مصرية بعد ثورتنا المجيدة، فضلا عن تمسكه بحكومة شرف بلا صلاحيات وبلا تغيير.
ثالثا، أتمنى أن يكون الرئيس القادم من غير الخلفية السياسية للأغلبية البرلمانية. ولهذا سببان، أولا توازن السلطات بين الطرفين مهم للغاية، ثانيا لأن الأغلبية فى البرلمان ستكون محافظة دينيا، بما سيفتح الباب واسعا للضغوط من الداخل والخارج. وقد أحسن الإخوان صنعا بأن أعلنوا أنه ليس لهم مرشح فى انتخابات الرئاسة.
رابعا، أتمنى أن تعلى القوى السياسية والأحزاب الصالح العام على أى مصلحة شخصية أو حزبية، ولنبحث عن التوافق بكل ما أوتينا من قوة وأن تكون النقاشات على مائدة الحوار أفضل من التصريحات والتصريحات المضادة. لا تهزوا ثقة الناس فيكم. آفة السياسة فيما قبل عام 1952 كانت النخبة التى ما اجتمعت إلا لتختلف، وما اختلفت إلا لتتنابذ، ويضيع صالح الوطن.
خامسا، أن يكف الإعلام عن تشويه كل الرموز من كل التيارات وكأن الشخص إن لم يكن ملاكا فهو شيطان رجيم. ولو كان الأمر بيدى لمنعت أى كاتب رأى أو صحفى أو معد أو مقدم برنامج من عمله حتى يثبت استيعابه لخمسين كتابا على الأقل من كلاسيكيات القرن الماضى. لا أتصور قارئا جادا (ناهيك عن صحفى أو إعلامى جاد) ألا يكون قد قرأ كتابا أو أكثر لطه حسين، العقاد، أحمد أمين، المنفلوطى، فؤاد زكريا، سعيد العشماوى، غالى شكرى، المسيرى، جلال أمين، محمد الغزالى، محمد عبده، زكى نجيب محمود، أحمد بهاء الدين، حسنين هيكل، توفيق الحكيم، عبدالرحمن الكواكبى، فهمى هويدى، القرضاوى، البشرى، كمال أبو المجد، العوا، سعيد النجار، حازم الببلاوى، رمزى زكى وغيرهم من مبدعى هذه الأمة. وإلى أن ينتهوا من قراءة هذه الكتب، قد نكون وضعنا أنفسنا بالفعل على طريق النهضة، قولوا يا رب.