نرصد فى هذه الأيام بعض الألقاب التى تسربت إلى لغتنا اليومية والتى كنا قد تخلصنا من أغلبها بعد ثورة 23 يوليو 1952 التى كانت من ضمن أهدافها إبطال الألقاب وفعلا ألغيت الألقاب الملكية ولكن بقيت فى مفرداتنا لقبا بك... وباشا اللذان نلقب بها كل من له سلطة حتى لو كانت سلطة بسيطة وذلك لتأدية مصلحة ما خاصة فى المصالح الحكومية.
فى العصر الملكى كانت هذه ألقاب بإنعامات خاصة من الباب العالى أو الملك قيل لنا فى ذلك الوقت إنها كانت تُشترى بالمال فأصبحت هذه الألقاب ذات سمعة سيئة ولكن فى هذه الأيام تسربت إلينا من جديد ألقاب أخرى بجانب الـ«بك.... والباشا» ومنها على سبيل المثال «معالى الوزير.. دولة رئيس الوزراء» وغيرهما ولا أعرف سببا لهذا التفخيم الذى كنا قد تخلصنا من أغلبه.
فى أغلب بلاد العالم ألغيت هذه الألقاب، إلا للعائلات الملكية والتى تستعمل فى إطار رسمى جدا وفى إطار ضيق وأيضا فى البلاد العربية التى يحكمها ملوك أو أمراء، أما بقية دول العالم «الجمهوريات» فلم تعد لهذه الألقاب وجود يكفى أن نرى ذلك فى التلفزيونات الأجنبية أو فضائيات تلك الدول التى غالبا ما تستعمل صفة الوظيفة قبل الاسم مثال على ذلك «الرئيس ماكرون... أو رئيس الوزراء بوريس جونسون... إلى آخر».
فقط فى لبنان يستعملون هذه الألقاب حتى لو استقال صاحبها فيستعملون لقب «دولة الرئيس» التى تستعمل لرئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء على حد سواء ومع الوقت أصبح كل رئيس أو وزير حالى أو سابق يحمل تلك الألقاب ولا تنزع منه أبدا. فلم نعد نعرف من هو الحالى ومن هو السابق إلى آخره.
أتمنى أن نعيد النظر لهذه الألقاب ونبدأ بعدم تشجيع الرسميين أنفسهم فى إطلاق تلك الألقاب على أنفسهم أو المحيطين بهم وذلك لسببين رئيسيين، السبب الأول أن الوظيفة العامة هى «خدمة» يؤديها من يتحمل المسئولية لخدمة أبناء شعبه متجردا من كل تفخيم فيكفى مثلا لقب «السيد أو الاستاذ أو الدكتور إن كان يحمل شهادة عليا». والسبب الثانى إن هذا التفخيم يعطى انطباعا طبقيا أو تمييزيا بأن هناك من هم أهل سلطة يحكمون على بقية الشعب، وهذا التمييز لا نحتاجه فى جمهوريتنا الثانية الجديدة التى تهتم «بالإنسان» مهما كانت طبقته أو وظيفته أو مكانته الاجتماعية أو الاقتصادية، فالكل يجب أن يشعر أنه متساوٍ مع أخوه المواطن الآخر والجميع لهم نفس الحقوق كما لهم نفس الواجبات.