ثقافات - جميل مطر - بوابة الشروق
السبت 21 ديسمبر 2024 6:23 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ثقافات

نشر فى : الأربعاء 16 مايو 2012 - 8:10 ص | آخر تحديث : الأربعاء 16 مايو 2012 - 8:10 ص

جرت مناظرة فى القاهرة بين مرشحين للرئاسة بينما كنت أشارك فى أعمال مؤتمر منعقد خارج الوطن. سمعت من متابعين ومحللين أن ملل بعض المشاهدين وصل إلى الذروة فى منتصف المناظرة، وكانوا قد قضوا شهورا طويلة يسمعون كلاما، أقل القليل فيه جديد وأكثره مكرر وباعث على الضجر، وإن أنبأ بعضه عن شىء، فهو ينبئ عن سنوات قادمة رتيبة لا إبداع فيها أو تقدم، ولا خفة ظل أو إثارة تمتع الناس وتسليهم. فاجأت هؤلاء المتابعين والمحللين بالقول إن نشوة المشاهدين للمناظرة نفسها من أبناء وبنات البلد العربى الذى حللت فيه وصلت أيضا إلى الذروة وبقيت عند هذه الذروة لليومين التاليين اللذين قضيتهما معهم. وعند عودتى إلى القاهرة استأنفت متابعتى لنتائج سباق الرؤساء فى فرنسا وبخاصة صدى فوز مرشح الحزب الاشتراكى الفرنسى فى أوساط الرأى العام الفرنسى. أيقنت من مقارنة هذه التجارب الثلاث أن للطبقة المسيسة فى بلد ما ثقافة خاصة بها تختلف عن ثقافة الطبقة المسيسة فى بلد آخر وكلاهما يختلفان عن ثقافة الطبقة ذاتها فى بلد ثالث.

 

***

 

لاحظت أن قطاعا غير بسيط من الإعلام الفرنسى يهتم بالسيدة التى سوف تظهر مع رئيس الجمهورية الجديد فى المناسبات والحفلات العامة أكثر من اهتمامه بما سيفعله هذا الرئيس لإصلاح السياسة الخارجية وتسوية تعقيدات الاقتصاد الأوروبى والفرنسى بخاصة. الأسئلة الكبيرة الحائرة فى فرنسا الآن تتعلق بما تنوى أن تفعله السيدة فاليرى تريويلير، الصحفية بمجلة بارى ماتش، بعد يوم 15 مايو حين يتسلم صديقها فرانسوا أولاند مهام الرئاسة. هل ستنتقل معه إلى قصر الإليزيه؟، وإذا انتقلت فبأى صفة، صفة الصديقة الحميمة أم الزوجة العروس. أجابت فاليرى فى تصريح صحفى بأن القرار فى هذا الشأن تحديدا يعود إلى فرانسوا بصفته رئيسا للجمهورية. وإذا كان لا بد من قرار فمن اللائق أن يصدر فورا، خاصة أنه تردد أنها لا تريد أن تدخل تجربة كارلا برونى عندما رافقت ساركوزى فى إحدى رحلاته قبل أن يتزوجا ورفض بعض الحكام العرب استقبالها «رسميا» وإن احتفوا بها سرا.

 

***

 

يسأل الناس، هل تستطيع فاليرى صديقة الرئيس الجديد ملء الفراغ الذى خلفته كارلا الإيطالية النشأة، وابنة العائلة الغنية من تورينو؟. لا يخفى على أحد أن كارلا برونى بلغت قمة الشهرة قبل أن تتعرف على نيكولاس ساركوزى عندما كانت تعمل عارضة أزياء وأشياء أخرى. وكلنا شهود، بفضل صور التليفزيون وغيرها من وسائل الاتصال الحديثة، على أنها ألهبت مشاعر بعض رؤساء الدول الذين قابلتهم خلال رحلاتها كزوجة رئيس. كان البعض منهم يرى فيها المرأة الأكثر جاذبية فى مجتمع زوجات الرؤساء، ولعلها كانت بالفعل الزوجة الأكثر رشاقة وأناقة. كلنا شهود أيضا على أنهم لم يبخلوا عليها بالإطراء.. كانت بدون شك أهم فى نظر بعضهم من ليودميلا الكساندروفنا زوجة الرئيس فلاديمير بوتين ومن ميشيل زوجة الرئيس باراك أوباما وتفوقت بالتأكيد على إنجيلا ميركل، أقوى «الرؤساء» جميعا. ومع ذلك تبقى الحقيقة واضحة وناصعة، وهى أن الفضل فى شهرة كارلا لا يعود إلى كونها زوجة رئيس فرنسا، بقدر ما يعود إلى الوظيفة التى أحبتها حتى الإدمان ومارستها بكل إتقان وبكل الحواس، وهى الوقوف أمام الكاميرات.

 

*** 

 

 

كتبت إحدى الصحفيات العاملات فى جريدة الفيجارو تحقيقا عن فاليرى، صديقة الرئيس الجديد فرانسوا اولاند. كتبت تصفها بأنها «سيدة كاملة، فرنسية للغاية. امرأة من النوع الذى ترى نساء فرنسا أنفسهن فيها». جاءت إلى باريس من عائلة متواضعة كانت تعيش فى مدينة صغيرة فى غرب فرنسا، درست العلوم السياسية وتزوجت مرتين.. أنجبت ثلاثة أبناء من زوج كان، ولا يزال، زميلا لها فى مجلة بارى ماتش.

 

حظيت فاليرى دائما بإعجاب زملائها الصحفيين الذين يعتبرونها نموذجا للصحفية الناجحة والملتزمة أخلاقيا. معروف عنها أنها رفضت الاستجابة لطلب رئيس التحرير عدم الكتابة فى الشئون السياسية الداخلية عندما كانت تعيش مع أولاند. قالت وقتها «عشت صحفية وأموت صحفية، حتى لو سحبوا منى بطاقتى الصحفية.. الصحافة تجرى فى روحى».

 

***

 

يتسلم فرانسوا أولاند رئاسة الجمهورية الفرنسية ومصيره معلق بامرأتين على الأقل: فاليرى فى البيت وسيجولين رويال فى الحزب. الأولى أحبت فيه الرجل البسيط الذى يركب الدراجة فى طريقه إلى العمل والحفلات العامة.. والثانية أحبته زميلا ومنافسا ورجلا طيب القلب وأبا لأطفالها الخمسة. شوهد على شاشات التليفزيون ليلة إعلان فوزه رئيسا لفرنسا وقد وقف يستقبل التهانى محاطا بالسيدتين فاليرى وسيجولين والجماهير فى الميدان تطالبه باحتضانهما.. وتصرخ «القبلات... القبلات».

 

***


كان الملل فى مناظرة مصر، إن صح ما نقله المتابعون، بسبب أن السباق يجرى بين رجال يتناظرون حول قضايا جافة قيل فيها الكثير. وكانت النشوة فى دول الخليج، إن صح ما رأيت وسمعت، بسبب أن هذا السباق يجرى فى مصر حيث التجديد فى الثورة سيل لا يزال يتدفق أمام عيون فى الخليج مازالت منبهرة. وكانت المتعة فى متابعة أصداء نتيجة الانتخابات فى فرنسا بسبب المزج الفولكلورى المتجدد بين الثقافة العامة للأمة الفرنسية وثقافتها السياسية. 

جميل مطر كاتب ومحلل سياسي