«ساعاتنا الأخيرة» كتاب لم ينتبه له العالم حينما صدر عام ٢٠٠٣ لكاتبه عالم الفيزياء والكونيات البريطانى مارتن ريس، وربما اعتبره البعض إحدى الشطحات العلمية التى انتابت العالم فى محاولة لاجتذاب الأضواء. ذكر مارتن ريس فى كتابه أن التوقعات بحدوث كارثة ستدمر العالم وتفنى أصل جنس البشر تصل إلى خمسين بالمائة «كان هذا فى عام ٢٠٠٣». أكد أن العلم يتقدم بدرجة لا يمكن معها التنبؤ بما يمكن أن يصل إليه من أخطار على حياة البشر فى أى وقت مضى.
وحذر رايس من أن الإرهاب النووى ربما لا يعادل خطورة فيروسات بحثية معدلة وراثيا قد تتسبب فى هلاك البشرية، وأن الخطر أيضا قائم من انفلات أجهزة من صنع الإنسان وهندسة وراثية تغير طبيعة البشر، لافتا النظر إلى أن هذا بالطبع نتاج عقل بشرى إجرامى يخطط لفناء العالم أو فى أفضل الأحوال سيكون نتيجة خطأ بشرى غير مقصود.
الأخطر والأهم أن ريس حدد فى كتابه تاريخا هو العام ٢٠٢٠ الذى سيحدث فيه الخطأ البشرى الذى سيتسبب فى اغتيال مليون من البشر.
أيضا كتب ريس فى كتابه أن تخليق الفيروسات القاتلة والبكتيريا المميتة أصبح أمرا ممكنا فى أيد كثيرة منها بلا شك الشرير الذى يمكنه بمفرده أن يبيد الجنس البشرى!!
وأضاف ريس أن هذا الخطر تزايد بعد حوادث سبتمبر ٢٠١١ التى زلزلت العالم وما تلاها من ظهور الانثراكس أو الجمرة الخبيثة وطرود الموت المرسلة بالبريد ثم الأوبئة التى ضربت العالم بداية من الميرس والسارس.
لم يتخل ريس عن قناعاته التى ضمنها كتابه بل عاد ليؤكد هذا فى سلسلة محاضرات ألقاها عام ٢٠١٢ محذرا وبصوت أعلى ونبرة تشهد بعمق نظرته: «أتمنى أن أكون مخطئا لكن التقنيات البيولوجية تتطور بسرعة مخيفة، محذرا من وباء مثل سارس، فخطأ ما إذا حدث فى منطقة معينة قد يؤدى إلى كارثة».
بدأت هذا الأسبوع البحث عن الكتاب والمؤلف بكل ما أملك من وسائل تحاصرها القيود التى فرضها الفيروس على العالم بأسره.. روعنى حديث العالم البريطانى خاصة أنه أكد أن ذلك سيقع فى عام ٢٠٢٠، بينما كتابه صادر عام ٢٠٠٣ كيف كان له أن يكون محددا بتلك الصورة وما الذى دعاه إلى تأكيد القول فى محاضراته، أما الأهم فهو رد الفعل الذى لم يسجل صدى واسعا لانتشار الكتاب أو فعلا مماثلا لأهمية المعلومات التى وردت به!
أين غفلت المؤسسات العالمية العملاقة أو المنظمات الصحية والمهتمة بحقوق الإنسان عن تلك التصريحات التى جاءت لتعلن صراحة عن نذر حرب معلنة على الجنس البشرى بأسره؟ ما هو الدور الحقيقى الذى من أجله تم إنشاء وتأسيس جمعيات ومنظمات يتقاضى موظفوها وإداريوها أعلى مرتبات فى العالم بدءا بالأمم المتحدة وكل ما يتبعها من منظمات تخرج عنها مرورا بمنظمة الصحة العالمية وفروعها الإقليمية والحدودية التى تقع فى عواصم العالم الغربى والشرقى والبنك الدولى واليونسكو والفاو.. وغيرها وغيرها. كلها منظمات أسسها الإنسان ليحمى حق الإنسان فى الحياة: ليحمى أمنه وصحته وطعامه وتراثه وفنونه وتاريخه، ويضع ضوابط ومعايير تضمن حدا أدنى من العدل بين الناس، فهل حدث هذا بالفعل أما أن الفيروس اللعين جاء فى النهاية ليؤكد صحة نظرية المؤامرة؟
يتحدث العالم الآن عن دور خفى لعبته فرنسا فى الوضع الكارثى الذى يقف العالم على حافته. بينما تتناقل وسائل الإعلام الاتهامات المتبادلة بين الصين وأمريكا كل يتهم الآخر بأنه الذى فتح أبواب جهنم على العالم.
هل تلك بالفعل هى ساعاتنا الأخيرة؟
على مر التاريخ.. اعتقد الإنسان أن الغلبة فى النهاية للخير وإن صال الشر جولات.. هذا بالفعل ما أؤمن به حتى لو كنا فى ساعاتنا الأخيرة.