المجتمع العربى فى إسرائيل بعد سبعة أشهر على الحرب - مراكز إسرائيلية - بوابة الشروق
الإثنين 25 نوفمبر 2024 11:47 ص القاهرة القاهرة 24°

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

المجتمع العربى فى إسرائيل بعد سبعة أشهر على الحرب

نشر فى : الأربعاء 15 مايو 2024 - 8:10 م | آخر تحديث : الخميس 16 مايو 2024 - 12:28 ص

هذا المقال يسلّط الضوء على تحليل العوامل التى من شأنها تقويض روتين العلاقات القائمة بين الأقلية العربية والأغلبية اليهودية فى الدولة، وسنتطرق هنا إلى سبعة مكونات أساسية.

• • •

أولًا: التعامل مع الدمار والكارثة الإنسانية فى قطاع غزة. إذ يرى الجمهور العربى الفلسطينى فى إسرائيل هذه المشاهد ويتأثر بها كثيرًا. وبينما تترسخ هذه الصور فى وعيه، فقد تتسبب بإضعاف تماهيه مع نضال الدولة من أجل القضاء على شبكات «الإرهاب الإسلامى» فى القطاع. وعلى الرغم من أن أغلبية الجمهور العربى لا تتماهى مع «حماس»، فإن كثيرًا من هذا الجمهور لا يبررون قوة الرد العسكرى الإسرائيلى واستهداف السكان المدنيين فى القطاع، ويرون أن ما يحدث هو بمثابة أصداء للنكبة. إن الخطاب السائد فى أوساط الجمهور العربى هو أن دخول الجيش الإسرائيلى إلى رفح سيُفاقم معاناة سكان غزة كثيرًا. وكلما استمرت المأساة الإنسانية فى القطاع، تفاقم غضب الجمهور العربى وتصاعدت الحاجة إلى الاحتجاج ضد الحرب. فإلى جانب الاستنكارات الحادة التى يطلقها قادة الجمهور العربى، وانتظام الناس فى محاولة لتوسيع المساعدات الإنسانية المرسلة إلى القطاع، من المحتمل أيضًا حدوث مظاهر احتجاج، على هيئة تظاهرات وإضرابات، قد تتدهور نحو العنف. ومن علامات ذلك المسيرات التى أُقيمت فى بعض البلدات فى «يوم الأرض» فى 30 مارس، احتجاجًا على ما يجرى فى القطاع، وعبر دعوات وقف الحرب.

• • •

ثانيًا: تفاقُم الإحساس بالاغتراب عن الدولة والأغلبية اليهودية. إن إشارة وزراء فى الدولة إلى أحداث أبريل - مايو 2021، بصفتها «انتفاضة من الداخل»، وتأطير مكافحة العنف والإجرام فى المجتمع العربى على أنها «حرب» ضد «عدو داخلى»، قد خلقا وهمًا متحيزًا للواقع. إن هذا التوجه المتطرف ظهر أيضًا فى مطالب وزراء اليمين بفرض قيود على صلاة العرب فى المسجد الأقصى خلال شهر رمضان الماضى. مثل هذا السلوك يوصم المجتمع العربى بصفة عدو، ويعمّق شعور الاغتراب لدى المواطنات والمواطنين العرب، بصورة قد تعزز المكونات القومية والدينية المتطرفة الموجودة فى هذا المجتمع.

• • •

ثالثًا: ضرب الأمان الشخصى. بعد انخفاض حاد طرأ على نسبة الجرائم فى المجتمع العربى خلال الأشهر الثلاثة الأولى من الحرب، عادت أبعاد هذه الظاهرة إلى سابق عهدها. ويُعتبر هذا الأمر الموضوع الأساسى الذى يُقلق المجتمع العربى، وشاهدًا على استمرار إهمال الشرطة والحكومة لمعالجة مشكلة الإجرام. وعلى الرغم من أنه لم يتم، حتى الآن، اتخاذ إجراءات حقيقية لتقليص ظاهرة الجريمة الخطِرة، فإن تعاظُم الإجرام والعنف فى صفوف المجتمع العربى وتوفُّر سلاح متنوع، يشمل وسائل إيذاء جماعى تملكه منظمات الإجرام (كالبنادق الأوتوماتيكية، والمسيّرات المحملة بالعبوات الناسفة، والقنابل اليدوية، والعبوات الناسفة، والصواريخ، وقاذفات القنابل)، يشكل تهديدًا للأمن القومى الإسرائيلى، خصوصًا عندما تكون مؤسسات إنفاذ القانون محدودة القدرة على مواجهة التحدى. الشعور الشخصى بالأمان تضرر أيضًا بسبب التساهل، فى إجراءات منح تراخيص لحمل السلاح النارى، الأمر الذى رفع عدد حاملى السلاح. وهى ظاهرة قد ترفع احتمالات وقوع الأخطاء، والتعامل مع أى حالة إطلاق نار [من جانب العرب] على أنها عملية «إرهابية»، الأمر الذى قد يؤدى إلى المساس بغير المتورطين.

• • •

رابعًا: أضرّت الحرب بالقدرة الاقتصادية للمجتمع العربى. وتشير المعطيات إلى أن الضرر الاقتصادى الذى أصابهم أكثر فداحة منه فى أى وسط آخر. كما تشير معطيات بنك إسرائيل إلى أن نسبة البطالة لدى العرب تفاقمت مع بداية الحرب، وخصوصا فى صفوف الذكور، إذ انخفضت نسبة تشغيل هؤلاء فى هذه المرحلة بنسبة 27%، مقارنة بـ11% فى أوساط الذكور من اليهود. وفى بداية سنة 2024 أيضًا، حين تم تسجيل انتعاش فى سوق العمل، لوحظ انتعاش أبطأ فى توظيف الرجال العرب، وهذا الانتعاش لم ينجح حتى فى الوصول إلى مستواه قبل الحرب. إن الحضور المرتفع للرجال العرب فى قطاع البناء، الذى عانى من تباطؤ كبير فى نموه طوال أشهر الحرب الأولى، أضرّ كثيرًا بتشغيل الرجال العرب. أمّا فى قطاعات أُخرى، فقد اتسم تشغيل العرب بالمخاوف المتبادلة بين الموظفين اليهود والعرب. وبحسب استطلاعات تم إجراؤها، عبّر الطرفان عن خشية من أن اللقاء فى إطار الوظيفة، بعد السابع من أكتوبر، يمسّ بالشعور بالأمان الشخصى. هذا الأمر له إسقاطات سلبية أيضًا على المصالح التجارية العربية غير المشمولة بمعطيات البطالة. إذ تشكو هذه المصالح من انخفاض كبير فى الطلب من جانب المجتمع اليهودى، فى ضوء الدعوات المنتشرة فى وسائل التواصل الاجتماعى إلى مقاطعة المصالح التجارية العربية. يضاف إلى ذلك التقليصات المالية الأفقية الاتجاه فى موازنات الوزارات الحكومية، والتى أضرّت بالخطة الخمسية الهادفة إلى تعزيز اقتصاد المجتمع العربى، إذ إن هذه التقليصات تسببت بضرر تبلغ نسبته 15%. سيؤدى مثل هذه التقليصات، فى المدى القصير، إلى الإضرار بالمجتمع العربى، كما أنه سيؤدى إلى ضرب الدخل القومى والاقتصاد الإسرائيلى فى المدى الطويل.

• • •

خامسًا: يسود المجتمع العربى شعور بالاضطهاد من السلطة، خصوصًا من جانب المؤسسات المؤتمنة على إنفاذ القانون. فالدولة تثبت يوميًا أنها غير ديمقراطية، على الأقل فيما يتعلق بالعرب. إن متابعة جهات إنفاذ القانون الحثيثة للمنشورات فى شبكات التواصل الاجتماعى، خصوصًا لدى الشخصيات المؤثرة، على غرار البروفيسورة نادرة شلهوب كيفوركيان، يُنظر إليها على أنها تهدف إلى تقييد حرية التعبير والحرية الأكاديمية. يضاف إلى ما تقدّم التقارير المتعلقة بأوامر الفصل الدائمة بحق الطلاب العرب من مؤسسات التعليم العالى، وفصل العرب من وظائفهم فى قطاعات عمل مختلفة.

• • •

سادسًا: الاستفزازات والتنكيل من الجهات القومية المتطرفة، العربية واليهودية. إذ يتحفظ المجتمع العربى إجمالًا عن الأيديولوجيات المتطرفة، وهو لا يؤيد الأفعال «الإرهابية» التى نفّذها عرب إسرائيليونمؤخرًا.

ومع ذلك، فإن هذا الدعم قائم فى صفوف مجموعات راديكالية لديها حضور فى صفوف الشباب، وفى شبكات التواصل الاجتماعى. هناك تخوف، مع استمرار الحرب، من نشاطات احتجاجية وأعمال خرق للنظام العام، تؤدى إلى وقوع مواجهات بين جهات راديكالية، قومية ودينية، تسعى لتعزيز برنامجها الأيديولوجى، إلى جانب الشبان من ذوى الخلفيات الجنائية، الذين سيرغبون فى استغلال الوضع القائم لأغراض إجرامية. فى أوساط اليمين اليهودى المتطرف، تعمل أطراف ذات توجهات مناهضة للعرب بصورة شديدة الوضوح، ترى فى العرب جزءًا من «العدو الفلسطينى»، وتحظى بالشرعية من جهات مسئولة. من شأن هؤلاء أن ينفّذوا القانون بأيديهم، وأن يشتبكوا مع مجموعات عربية، بادّعاء حماية اليهود.

• • •

سابعا: القنوات التلفزيونية الإسرائيلية لا تُعتبر المصدر الأساسى للمعلومات الإخبارية بالنسبة إلى الجمهور العربى. فنحو نصف هذا الجمهور لديه أجهزة خاصة، ويتابع الأخبار بواسطة وسائل الإعلام الأجنبية المتحدثة بالعربية، وخصوصا قناة الجزيرة القطرية، وقناة مساواة التجارية من رام الله، التى تتوجه إلى الجمهور العربى فى إسرائيل. يحصل الجمهور العربى على معلومات مفصلة، عبر وسائل الإعلام هذه، بشأن أعداد الضحايا والدمار فى القطاع، وهو ما لا تعرضه القنوات الإسرائيلية. يبدو التركيز، فى وسائل التواصل الاجتماعى الخاصة بالعرب فى إسرائيل، على الألم والتعاطف مع سكان قطاع غزة. كما يتسم الخطاب السائد بالغضب من النشاط الإسرائيلى العسكرى، والتفهم أن طريق «المقاومة» هى وسيلة للتحرر من الاحتلال. ويظهر التضامن مع سكان القطاع عبر شبكات التواصل الاجتماعى، إلى جانب الدعوة إلى الدعاء لهم خلال الصلوات عمومًا، وخلال شهر رمضان على وجه الخصوص.

خلاصة وتوصيات

إن علاقة كلّ من الدولة والأغلبية اليهودية بالمجتمع العربى ترتبط مباشرةً بالأمن القومى. هناك خطر استراتيجى كامن الآن فى احتمالات التدهور نحو عنف متبادل، من شأنه أن يحول البلد إلى ميدان مواجهة بين اليهود والعرب. وتتحمل سلطات الدولة مسئولية تحييد الجهات التى تعرّض استقرار العلاقات مع المجتمع العربى للخطر. بناءً عليه، بات من المطلوب اليوم اتخاذ إجراء له تأثير فى الوعى من أجل الحفاظ على الاستقرار الداخلى. إن توسيع نطاق المساعدات الاقتصادية الموجهة إلى السلطات المحلية العربية، والمصالح التجارية، والأشخاص المحتاجين، ستؤثر بصورة إيجابية. وذلك إلى جانب الامتناع عن الإمعان فى فرض القيود على حرية التعبير، وتصعيد النضال ضد الإجرام والعنف، ولجم الجهات المتطرفة من الجانبين، وتلافى المضايقات والمواجهات المتبادلة التى من شأنها أن تشعل النار فى البلد. معهد دراسات الأمن القومى.

 

مراكز إسرائيلية مراكز إسرائيلية
التعليقات