لنطبق فكرة تشينى على قضية المناخ! - توماس فريدمان - بوابة الشروق
الأربعاء 5 فبراير 2025 3:47 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

لنطبق فكرة تشينى على قضية المناخ!

نشر فى : الثلاثاء 15 ديسمبر 2009 - 9:52 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 15 ديسمبر 2009 - 9:52 ص

 فى 2006 نشر رون ساسكيند كتاب «مبدأ الواحد فى المائة» حول حرب الولايات المتحدة ضد الإرهابيين بعد الحادى عشر من سبتمبر. وقد استوحى العنوان من تقييم أجراه ديك تشينى، نائب رئيس الجمهورية فى ذلك الوقت، حيث قيل إنه أعلن فى ظل مخاوف من تقديم أحد العلماء الباكستانيين خبرة فى الأسلحة النووية إلى القاعدة: «إذا كان هناك احتمال بنسبة واحد فى المائة أن العلماء الباكستانيين يساعدون القاعدة فى بناء أو تطوير سلاح نووى، فيجب أن يكون ردنا هو التعامل مع المسألة باعتبارها يقينا». وزعم تشينى أنه كان على الولايات المتحدة أن تواجه نوعا جديدا للغاية من التهديات: «إنه حدث ضعيف الاحتمال شديد التأثير».

وعقب صدور كتاب ساسكيند مباشرة، أوضح الباحث القانونى كاس سانستين، الذى كان وقتها يعمل فى جامعة شيكاغو، أن السيد تشينى بدا متبنيا نفس «المبدأ الوقائى» الذى حرك كذلك دعاة حماية البيئة. وكتب سانشتين فى مدونته: «وفقا للمبدأ الوقائى، فمن المناسب الرد بقوة على الأحداث ضعيفة الاحتمال قوية التأثير كالتغير المناخى. ومن الممكن بالفعل تفهم أن يدافع نائب رئيس آخر وهو آل جور عن مبدأ الوقاية بالنسبة للتغير المناخى (رغم اعتقاده أن احتمال الكارثة أكثر من واحد فى المائة)».

وبالطبع، لن يتقبل السيد تشينى القياس. كما أن العديد ممن يدافعون عن مبدأ السيد تشينى بشأن احتمال الواحد فى المائة فيما يتعلق بالأسلحة النووية، يطلبون منا ألا نقلق إطلاقا بشأن ارتفاع درجة حرارة المفجع، بينما تزيد الاحتمالات فى الواقع كثيرا عن واحد فى المائة، إذا واصلنا العمل كما هو معتاد. وهو أمر مؤسف، لأن إحساس تشينى هو بالتحديد الإطار الصحيح الذى ينبغى أن نفكر من خلاله فى قضية المناخ، وفى هذا الجدل «المناخى» ككل.

وقد أثيرت فضيحة «مناخ جيت» أو «Climate Gate فى 17 نوفمبر عندما قام شخص مجهول الهوية باقتحام الرسائل الإلكترونية وملفات بيانات وحدة الأبحاث المناخية بجامعة «إيست أنجليا» وهى من المراكز العلمية البارزة فى العالم، المتخصصة فى المناخ وقام بنشرها على الإنترنت. وفى بضع مناسبات، كشفت هذه الملفات والرسائل عن أن بعض علماء المناخ البارزين يقومون، فيما يبدو، بتلفيق بيانات لإظهار زيادة فى الاحتباس الحرارى العالمى، واستبعاد بحث آخر مناقض.

وبصراحة، وجدت أنه من المحبط جدا أن تقرأ لعالم مناخ بارز أنه استخدم «خدعة» من أجل «إخفاء» انخفاض مفترض فى درجات الحرارة، أو أنه كان يحول دون عرض بحث مثير للجدل على التدقيق المناسب. صحيح أن من ينكرون مخاطر المناخ، وهم من تمولهم شركات البترول الكبرى، ظلوا ينشرون طوال سنوات جميع أنواع الأفكار العلمية الوهمية، ولم يثر العالم ضجة إطلاقا. على الرغم من أن ذلك ليس مبررا لعدم التزام علماء المناخ الجادين بأعلى المعايير العلمية طوال الوقت.

وبالرغم من ذلك فلابد من أخذ الأمر بجدية؛ ذلك أن مجموعة من مراكز الأبحاث المستقلة قد وثقت الدليل على أن كوكبنا يميل، منذ الثورة الصناعية، إلى ارتفاع واسع النطاق فى درجات الحرارة خارج أنماط التنوع الطبيعية مع فترات برودة دورية متناهية الصغر.

وكما أوضح ذلك البحث فإنه «على الرغم من التقلبات الأخيرة فى حرارة العالم من عام لآخر، الأمر الذى دعم الادعاءات بشأن الاتجاه العالمى لانخفاض الحرارة، أوضح تحليل جديد أعلنته يوم الثلاثاء الماضى المنظمة العالمية للأرصاد الجوية أن مسار ارتفاع حرارة الأرض المضطرد لم يبد أية دلائل على الانتهاء. ومن الأرجح أن يكون العقد الأول فى الألفية الجديدة أكثر العقود ارتفاعا فى الحرارة منذ بدأ الرصد الجوى المعاصر».

بالطبع ليس هذا أمرا معقدا على الفهم.. فنحن نعلم أن كوكبنا يحوطه غطاء من غازات الصوبة يحافظ على الأرض فى درجة حرارة مقبولة. وتزداد الحرارة ارتفاعا بينما نحن نضخ فى ذلك الغلاف المزيد من ثانى أكسيد الكربون وغيره من غازات الصوبة الزراعية، عبر السيارات والمبانى والمناطق الزراعية والغابات والصناعة.

والأمر الذى لا نعرفه، لأن النظام المناخى معقد لدرجة كبيرة، هو نوع التعويض الذى قد تقدمه العوامل الآخرى مقابل ارتفاع الحرارة الذى تسبب فيه البشر، أو مدى السرعة التى قد ترتفع بها درجات الحرارة، ويذوب المزيد من الجليد، وترتفع مستويات البخار. فالأمر إجمالا عبارة عن لعبة احتمالات. ونحن لم نمر بهذه التجربة من قبل. ولا نعرف سوى أمرين: الأول هو أن ثانى أكسيد الكربون الذى أطلقناه فى الغلاف الجوى ظل هناك لسنوات عديدة، ومن ثم، «فلا رجعة فيه» فى وقت قريب (إلا إذا حدثت طفرة ما فى الهندسة الجيولوجية»؛ وثانيا أن تراكم ثانى أكسيد الكربون ينطوى على احتمال اندلاع احتباس حرارى «مفجع».

وعندما أقابل مشكلة يحتمل حدوثها بنسبة واحد فى المائة، و«لا يمكن الرجوع فيها» ومن المحتمل أن تكون «مفجعة»، أشترى وثيقة تأمين. فإذا أعددنا للتغير المناخى ببناء اقتصاد يعمل بالطاقة النظيفة، ثم اتضح أن التغير المناخى كان وهما، فما هى النتيجة التى ستحدث؟ حسنا، سوف ترتفع أسعار الطاقة لدينا خلال فترة انتقالية. ولكننا سوف نستخدم تدريجيا سيارات كهربائية تعمل بالبطارية، وسوف نزود المزيد من منازلنا ومصانعنا بالطاقة عبر الرياح والطاقة الشمسية، والنووية، والجيل الثانى من الوقود الحيوى. وسيقل إلى حد كبير مدى اعتمادنا على منتجى النفط الديكتاتوريين الذين يستهدفوننا؛ كما سيتحسن عجزنا التجارى؛ ويقوى الدولار، ثم سيصبح الهواء الذى نتنفسه أكثر نظافة. وباختصار، سنكون أقوى كدولة، وأكثر قدرة على الإبداع، وأكثر استقلالا من حيث الطاقة.

ولكن إذا لم نستعد، واتضح أن التغير المناخى حقيقى، فمن الممكن أن تتحول الحياة على هذا الكوكب إلى جحيم لا يطاق. ولهذا فأنا أؤيد فكرة تشينى الاستعداد لاحتمال الواحد فى المائة فيما يتعلق بالتغير المناخى.

New York Times Syndication Service

توماس فريدمان  صحفي أمريكي مهتم بشئون الشرق الأوسط
التعليقات