مَنْ الذى طعن الثورة فى مقتل؟ - وائل قنديل - بوابة الشروق
الجمعة 27 ديسمبر 2024 4:47 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مَنْ الذى طعن الثورة فى مقتل؟

نشر فى : الأربعاء 16 نوفمبر 2011 - 9:05 ص | آخر تحديث : الأربعاء 16 نوفمبر 2011 - 9:05 ص

أمام المجلس العسكرى الآن فرصة تاريخية لإعادة الاعتبار إلى الثورة والتصالح معها، ذلك أن حكم الإدارية العليا ألقى كرة الفلول فى ملعب «العسكرى» باعتباره جهة التشريع فى مصر الآن، ومن ثم هو وحده الذى يستطيع تحقيق أحد أهم مطالب الثورة، وهو عدم منح الفرصة لمن قامت ضدهم لكى يشاركوا فى إنتاج مستقبل بمواصفات ماض لفظه المصريون وثاروا عليه.

 

غير أن المسألة ليست بهذه السهولة، كونها تتطلب، أولا: أن يستقر فى عقيدة «العسكرى» أن ما جرى فى البلاد بدءا من 25 يناير 2011 كان ثورة، وليس مجرد «تعبير عن غضب شعبى حاد» وفقا لكتالوج صاحب البلوفر الكحلى، وهى تتطلب بعد الاقتناع مهارة الإدارة السياسية فى مجتمع مصاب بالتهاب حاد نتيجة تعرضه لتيار شديد من الحرية، بعد ثلاثين عاما من الانحباس فى علبة من صفيح الاستبداد الصدئ.

 

ومن باب التكرار أن المجلس العسكرى وحكومة عصام شرف وعدا أكثر من مرة بالإسراع فى إصدار تشريع يقضى بإعطاء السادة الفلول إجازة استجمام خمس سنوات على الأقل، بعد الجهود المضنية التى بذلوها على مدار سنوات طويلة فى تحويل مصر الكبيرة من «أم الدنيا» إلى ممارسة أعمال الخدمة فى البيوت، من البيت الأبيض إلى بيت الأفاعى على حدودنا الشرقية، الأمر الذى جعلها نهبا للفقر والجهل والمرض.

 

ومنذ أن طرحت جموع الشعب مطلب التطهير كفريضة أساسية فى هذه الثورة بعد استقرار المخلوع فى شرم الشيخ، والناس يسمعون ويقرأون عن العمل الجاد على إصدار «قانون الغدر» الذى تحور فيما بعد إلى قانون «العزل السياسى» وأخيرا اختاروا له اسما لطيفا «قانون إفساد الحياة السياسية» وتعددت الأسماء لكن بقى التباطؤ واحدا.

 

ثم حدث أن عاد المجلس والحكومة لدغدغة مشاعر الجماهير، عقب الاجتماع الشهير الذى انتهى ببيان بتوقيعات بين 14 حزبا والمجلس العسكرى، وحمل بندا واضحا ينص على العمل على إصدر مرسوم بقانون يمنع من أفسدوا الحياة السياسية من المشاركة فى الانتخابات لدورة واحدة على الأقل.. غير أن الصمت خيم مرة أخرى، مما ولد إحساسا عاما بأن التباطؤ نوع من التواطؤ، خصوصا مع انتشار أحزاب الفلول انتشار النار فى هشيم الثورة.

 

وحين صدر حكم القضاء الإدارى بالمنصورة باستبعاد الفلول، توهم كثيرون أن «العسكرى» سوف يسارع بإصدار قانون إفساد الحياة السياسية ،غير أن المفاجأة كانت الطعن فى حكم الاستبعاد، حتى أصدرت الإدارية العليا حكما بإلغائه بعد ساعات من صدوره.

 

وحتى الآن، لا يعلم أحد من الذى طعن على حكم القضاء الإدارى بالمنصورة، حيث سارعت حكومة عصام شرف بغسل يديها من الموضوع معلنة أنها لم تطعن، علما بأن الحكم نص على أنه لا يجوز الطعن عليه إلا من قبل اللجنة العليا للانتخابات.

 

وإذا كان الطاعن مجهولا، فإن المطعون بكل تأكيد هو ثورة حسنة النية وطيبة إلى درجة السذاجة.

وائل قنديل كاتب صحفي