احتلت هذا الأسبوع طبيبتان كل مساحة التقدير فى عقلى وقلبى. الأولى كتبت عنها الشروق، وفاء الصدر مدير المركز العالمى لعلاج الإيدز بأفريقيا المصرية، والصومالية حواء عيدى التى حاورتها النيويورك تايمز.
امرأتان اختارتا الطب رسالة وأعلنتا الجهاد فى مواجهة المرض وأمراض القهر. وفاء الصدر المصرية التى نزلت كل درجات المجتمع الأمريكى بدلا من صعود تستحقه عن جدارة لتجمع حولها زنوج هارلم تعالجهم من طاعون هذا العصر الإيدز. هدفها الأول الإنسان ووسيلتها علاقة مباشرة بينها وبين الناس لا تهاب فيها خطر العدوى ولا تخشى سلوكهم الذى قد يوصف أحيانا بالعدوانية.
تشهد وفاء الصدر بأن تفوقها يرجع إلى خلفية علمية قوية اكتسبتها من دراستها فى طب قصر العينى وأنها اختارت مجال الصحة العامة الذى ترى أنه يحتاج للعمل فى فريق عمل يهتم بالجوانب الاجتماعية والإنسانية للمريض حتى يمكن متابعة قدراته على استكمال العلاج وقدرته على اتباع وسائل الوقاية من المرض.
نجحت وفاء الصدر فى اجتذاب الأسر الفقيرة من الزنوج عن طريق توفير الرعاية الصحية للأمهات والأطفال معا إلى جانب الرعاية الاجتماعية فنجحت فيما فشلت فيه برامج أخرى عديدة رصدت لها الحكومة الأمريكية ميزانيات ضخمة.
أما حواء عيدى الطبيبة الصومالية أو ماما حواء كما يناديها الآلاف من النازحين الهائمين على وجوههم الفارين من بؤس وشقاء الحرب الأهلية فى بلاد انفرط عقدها فلها قصة مشابهة وإن اختلفت تفاصيلها على مر سنوات طويلة نذرت نفسها ومعها ابنتاها وهما أيضا طبيبتان لخدمة سيدات بلدها فاستطاعت بجهد ذاتى أن تشيد مدينة علاجية من بقايا المبانى التى هدمتها الحرب وأشاعت فيها الخراب.
تضم مستشفاها الآن أربعمائة سرير لاستقبال السيدات والأطفال تقدم لهم الخدمة الطبية اللازمة ووجبات ساخنة فى مواجهة أمراض سوء التغذية التى تنتشر قسرا بين الأطفال. جهاد حقيقى وفاعل لامرأتين طبيبتين فى مواجهة متغيرات بالغة القسوة.
اختارتا معا رسالة الطب للناس رغم بريق فكرة العلم للعلم إلا أننا بلا شك نحتاج الآن العلم للمجتمع الفكرة التى انحازت إليها وفاء الصدر وحواء عيدى ربما لأنهما امرأتان احتضنتا آلام البشر بقلب أم.