جلس رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو فى جلسة افتتاح «مؤتمر وارسو للسلام والأمن فى الشرق الأوسط»، الذى عقد فى العاصمة البولندية يوم الخميس الماضى، إلى جانب وزير الخارجية اليمنى خالد اليمانى. وكان وزير الخارجية اليمنى جالسا عند وصول نتنياهو، ومع جلوس الأخير تبادل الاثنان ابتسامة قصيرة. ولاحقا، خلال جزء من الجلسة كان مغلقا أمام وسائل الإعلام، كان نتنياهو على وشك مخاطبة المشاركين لكن الميكروفون لم يعمل فسلَّمه وزير الخارجية اليمنى الميكروفون الخاص به ليستخدمه، بحسب ما أكد المبعوث الأمريكى إلى الشرق الأوسط جيسون غرينبلات. وأدى ذلك إلى أن يشيد نتنياهو بمزاح بالتعاون الجديد بين البلدين. وكتب جرينبلات عن هذه الحادثة فى تغريدة نشرها فى حسابه الخاص على موقع التواصل الاجتماعى «تويتر»، ووصفها بأنها لحظة طريفة، وقال إنها قد تكون خطوة أولى فى التعاون بين إسرائيل واليمن اللتين لا توجد علاقات دبلوماسية بينهما.
هذه هى المرة الأولى منذ مؤتمر مدريد للسلام الذى عقد سنة 1991، التى يشارك فيها رئيس حكومة إسرائيلية فى مؤتمر دولى بحضور وزراء ونواب وزراء خارجية من 11 دولة عربية هى: السعودية، البحرين، قطر، اليمن، سلطنة عمان، المغرب، الإمارات العربية المتحدة، الأردن، مصر، الكويت وتونس. ويمكن القول إن إسرائيل وصلت إلى مرحلة جديدة من التطبيع مع الدول العربية، وإن المشكلات مع الفلسطينيين التى لم تدرج فى جدول أعمال المؤتمر لم تعد تحول دون حدوث تحول فى العلاقات بين الجانبين. ويبدو أن التهديد المشترك لإسرائيل ولتلك الدول العربية المتمثل فى إيران أهم للجميع أكثر من أى أمر آخر، ويساهم فى حدوث مثل هذا التقارب غير المسبوق.
وانعكست أجواء التطبيع هذه على التصريحات التى تم الإدلاء بها على هامش مؤتمر وارسو. فوزير خارجية البحرين خالد بن أحمد آل خليفة أكد أنه يؤمن بوجوب إقامة علاقات دبلوماسية بين بلاده وإسرائيل فى المستقبل. وردا على سؤال بشأن موعد انفراج العلاقات بين إسرائيل والبحرين وموعد دعوة رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو إلى زيارة المملكة، أكد أن ذلك سيحدث فى نهاية الأمر.
وقال رئيس الحكومة الإسرائيلية إن ما حدث فى مؤتمر وارسو هو بمثابة منعطف عظيم، وأشار إلى أن 4 من بين 5 وزراء خارجية عرب ألقوا كلمات أمام المؤتمر أعربوا عن تأييدهم لحق إسرائيل فى الدفاع عن نفسها فى مقابل العدوانية الإيرانية. وبحسب نتنياهو، قال هؤلاء الوزراء العرب أيضا إنه إذا كان النزاع العربي ــ الإسرائيلى مركزيا بالنسبة إليهم فى الماضى، فإن ما يجب القيام به الآن هو إيجاد حل للمشكلة الإيرانية، لأنه من دون حلها لا يمكن إيجاد حل للنزاع مع إسرائيل. وقال أحد وزراء الخارجية العرب إن المشكلة الإيرانية ستتفاقم أكثر فأكثر فى حال امتلاك طهران أسلحة نووية.
وإذا كانت هناك علامة استفهام بشأن هوية وزير الخارجية العربى الذى تكلم بوضوح عن خطر امتلاك إيران أسلحة نووية، فقد نشر فى موقع «يوتيوب» فيلم فيديو من الجلسة المغلقة لمؤتمر وارسو قال فيه وزير خارجية البحرين ما يلى: «نشأنا على أن الصراع الإسرائيلى الفلسطينى هو أهم مسألة يجب حلها، ولكنا رأينا تحديا أكبر هو الأخطر فى تاريخنا الحديث مصدره الجمهورية الإسلامية فى إيران. إن الإيرانيين هم أناس محبون للسلام، لكن النظام هناك فاشى، وعلينا أن نظهر لإيران أننا موحدون ضد فاشيتها». وأضاف أنه من دون تأثير إيران السام يمكن الاقتراب من حل النزاع الإسرائيلي ــ الفلسطينى. وقال مندوب السعودية إن النظام الإيرانى ليست له أخلاقيات لأنه يستهدف دبلوماسيين ويفجر سفارات. وتساءل عمن يدعم حركتى «حماس» والجهاد الإسلامى، وأجاب إنها إيران التى تزعزع الوضع فى عدة دول عربية أيضا.
بعد نشر فيلم الفيديو هذا ذكرت وكالة أسوشيتد برس الأمريكية للأنباء أن ديوان رئاسة الحكومة الإسرائيلية هو الذى سربه. ونفى الديوان ذلك، وتم محو الشريط من الموقع لاحقا.
بالإضافة إلى ذلك، عندما سئل نتنياهو عما إذا كان ينوى القيام بزيارة إلى دولة أخرى فى الخليج الفارسى [العربي] أجاب قائلا: «من قال لكم إننى لم أقم بزيارة إلى دولة أخرى فى الخليج؟ أنا لا أتكلم عن كل ما أقوم به. إن اللقاءات التى أعقدها مع زعماء عرب ومع مصادر رفيعة المستوى فى العالم العربى أكثر أضعافا مضاعفة مما تعتقدون».
إيتمار أيخنر
مراسل سياسي
يديعوت أحرونوت
مؤسسة الدراسات الفلسطينية