التعديل الوزارى ونظرية السجق - عماد الغزالي - بوابة الشروق
الجمعة 13 ديسمبر 2024 5:48 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

التعديل الوزارى ونظرية السجق

نشر فى : الثلاثاء 17 مارس 2009 - 4:34 م | آخر تحديث : الثلاثاء 17 مارس 2009 - 4:34 م

 برغم كراهيتى للتنظير والمنظرين ، أزعم أننى ابتكرت نظرية جديدة فى السياسة وشؤون الحكم،أسميها مؤقتا وحفظا لحقوق الملكية الفكرية نظرية السجق .

سبب التسمية استناد النظرية إلى طريقة عمل ماكينة السجق ، التى ان وضعت بها لحم بقر أو غنم أو غزلان أو حمير ، فإن المنتج النهائى سيكون سجقا بالضرورة ، هذا يعنى أن تصميم الماكينة وكفاءتها والآلية التى تعمل بها ، أهم كثيرا من نوع اللحم الذى يتم تغذيتها به . تفيد هذه النظرية اللوذعية فى فهم أمور عديدة ، من بينها مثلا التعديل الوزارى الأخير الذى استبدل وزير الرى بآخر ، إذ بدلا من أن تضرب أخماسا فى أسداس فى محاولة للفهم – وقابلنى لوفهمت – فإنك ستريح نفسك من عناء التفكير مادامت الأمور ستسير على الوتيرة ذاتها .

وبعيدا عن هذه النظرية الفذة ، فإن وزير الموارد المائية الجديد سيواجه صيفا شديد السخونة بعد أسابيع قليلة من الآن ، إذ فجأة اكتشفنا أن أناسا بيننا فى المحروسة التى يشقها نهر النيل من الجنوب إلى الشمال ، عطاشى ، لايجدون مياه شرب نظيفة ، ويجاهدون يوميا لشرائها فى جراكن من البلاستيك ، وبالمناسبة فإن هذا لايجرى فى صحراء مصر الغربية أو الشرقية ، إنما فى أحياء القاهرة والجيزة ، وأما قطع الظمأى للطرق فى البرلس والبحيرة والمنزلة للفت الأنظار إلى معاناتهم ، فسيتكرر بالتأكيد ، لأن المشكلة لم تحل برغم تصريحات رئيس الوزراء الحاسمة فى هذا الصدد .

وبدءا من الغد ، سنقرأ تصريحات متتالية للوزير الجديد عن فقر مصر المائى ، وعجز الموارد المائية الذى يبلغ 30% ، والحاجة الملحة لترشيد المياه ، تمهيدا لرفع أسعار مياه الشرب ، وهو ماسيكذبه الوزير جملة وتفصيلا ، وسيقسم سيادته بكل غال ونفيس أن ذلك لن يحدث ، وأن المساس بحق محدودى الدخل فى الحصول على المياه بأسعار رخيصة على جثته ، فإن فعلها ، فاعلم أكرمك الله أن رفع أسعار المياه صار وشيكا ، أو أنه جرى فعلا وأنت لاتدرى ، فهذه عمليا هى الطريقة التى تعمل بها الماكينة – ها قد عدنا إلى نظريتى المبهرة الباهرة عن السجق – والتى تحتاج إلى إعادة هيكلة وتزييت وتشحيم ، وليس تبديل قطعة غيارأو مسمار ومفصلة بين فترة وأخرى ، هذه التباديل يسميها الشباب الروش طحن "اشتغالات" ، يعنى الحكومة بتشتغلنا وبتشغلنا بأمور خارج الموضوع ، كى يبقى الموضوع دائما على حاله .

فى المشهد الختامى من الفيلم العبقرى " فيلم ثقافى " ، يظهر ابراهيم برايز وقد امتطى موتوسيكلا صعد به إلى حيث تجمع الشباب فى محاولة يائسة للفرجة على شريط فيديو" ثقافى" ، وحين حاول عرض الشريط ، اكتشف أن نظام تشغيل الفيديو غير متوائم مع جهاز التليفزيون القديم ، صرخ فيهم وقد طأطأوا رؤوسهم من الخجل: العيب مش فيكم ، العيب فى النظام .
النظام يابهايم .

عماد الغزالي كاتب صحفي
التعليقات