منذ خمسين عاما مضت مر على مصر يوم من أسود أيام تاريخها فما زال فى أذنى إذاعة هيئة الاستعلامات فى شارع طلعت حرب تعلن سقوط طائرات العدو كالذباب وانتصار الجيش الذى وصل إلى أبواب تل أبيب. كان عمرى فى ذلك الوقت تسع سنوات وما زالت هذه الأيام محفورة فى القلب والذاكرة، وتاريخ هذا اليوم طعمه مُر فى الحلق كلما تذكرناه على الرغم من أن مصر مرت بانتصارات أكتوبر بعد ذلك.
واليوم نرى العالم العربى ما زال فى موقف التشرذم والضعف فليس من المصادفة ما نراه من مواقف بعض البلاد المؤيدة والممولة للإرهاب ضد أخواتها العرب يكون فى نفس تاريخ الهزيمة. كأن بعد خمسين عاما العرب لم يتعلموا شيئا، فعلى الرغم من الروابط الجغرافية والتاريخية والثقافية واللغوية والدينية فإننا نعيش حالة من التفكك ليس فقط بين الدول العربية فيما بينها ولكن بين أبناء الشعب الواحد، فلننظر إلى ما يجرى فى ليبيا واليمن وسوريا وغيرها كمثل حى لما نحن فيه الآن.
فى الماضى كنا نتحجج بالاستعمار فرحل عن بلادنا ثم بالقضية الفلسطينية فزدنا انقساما وتفككا وضعفت المجتمعات العربية لغياب الديمقراطية والحرية والحقوق الإنسانية فى كثير منها مما جعلها مجتمعات منغلقة على نفسها لا تواكب التغيير بل تخشاه ولن تتقدم إلى الأمام إلا إذا كسرت كثيرا من قيودها حتى تنطلق وتعيش العصر الحالى.
طعم هزيمة 5 يونيو مُر فى الحلق وهزائمنا الداخلية تزيد من هذه المرارة ولكن كلنا أمل أن تقود مصر المنطقة بأسرها إلى بر الأمان لما لها من خبرة عسكرية وسياسية ومصداقية لدى الجميع.