عبد الرحمن الراشد - الشرق الأوسط - السعودية
عندما قامت الحكومة الإماراتية فى أواخر العام الماضى بسحب الجنسية من ستة من مواطنيها، ثارت زوبعة أنه تعسف لأهداف سياسية، لكن الصدمة جاءت أكبر بعد أن أعلن وزير الداخلية الكويتى سحب الجنسية من عشرة أبرزهم الداعية المتطرف نبيل العوضى. الجماعات المتطرفة وجدت أن سكوت النظام مكّنها من امتطاء الأنظمة بما يمنحها الحماية وحرية الحركة، طالما أنها نفسها لا تحمل السلاح. هذه الجماعات خسرت الآن.
وسحب الجنسية، عقوبة بالغة القسوة لأنه قد يترتب عليها طرده من البلاد، وفقدان كل امتيازات حصل عليها من وراء جنسيته المسحوبة من عمل وسكن. وقد تتسبب فى إسقاط الجنسية عن المعتمدين عليه، من أفراد أسرته الذين اكتسبوها من اكتسابه الجنسية.
ولعل أشهر حالة إسقاط الجنسية كانت التى لجأت إليها الحكومة السعودية فى التسعينيات عن أسامة بن لادن، قبل أن يؤسس ويتزعم تنظيم القاعدة. فقد كانت الحكومة المصرية تشتكى من وجود علاقة له بالجرائم الإرهابية على أراضيها، وأن بن لادن ضمن من يتآمرون عليها. وكان ذلك دافعا لتحذر السعودية بن لادن الذى سبق وفر إلى السودان إلا أنه لم يرتدع، فأعلنت الحكومة إسقاط الجنسية عنه. وقد ثبت لاحقا أن تلك الخطوة قد ساعدت السعودية على التبرؤ من جرائم بن لادن فى أنحاء العالم.
وسحب الجنسية ليس خاصا بدول المنطقة التى تعانى من مخاطر هائلة بسبب التطرف، بل صار عملا تمارسه الدول الغربية التى كانت حكوماتها فى الماضى تعترض على مثل هذه القرارات. ففى بريطانيا، أقر مجلس اللوردات حق سحب الجنسية أو إسقاطها عن مكتسبيها بالتجنس أو الولادة إذا ثبتت ممارستهم أو ارتباطهم بالإرهاب وكل ما قد يهدد الأمن القومى للدولة. وكانت السلطات البريطانية قد تمكنت من سحب الجنسية من 20 بعد معركة قضائية صعبة، لكن الآن بعد إقرار مجلس اللوردات قانون سحب الجنسية فى حال تهديد أفراد الأمن القومى، صار متطرفو بريطانيا يخافون من إثبات ارتباطهم بالإرهاب ونزع الجنسية منهم ومن ثم طردهم.
ومثلما وجد المتطرفون، والإرهابيون، مصلحة فى التعاون الجماعى عبر الحدود، فإن الحكومات بدورها صارت تتحرك بشكل جماعى لمحاصرة هذا الخطر الذى يهدد الجميع.