نستكمل هنا مخرجات ورش العمل التى عقدت بمركز العقد الاجتماعى حول مسودة الدستور المطروحة حاليا من الجمعية التأسيسية. ويختص هذا المقال تحديدا بعرض المقترحات التى تمس المجموعة الثانية من الحقوق المدنية والسياسية. ونركز هنا على الإضافات أو الملاحظات دون تكرار لكل الأجزاء التى توافق فيها الحاضرون مع ما ورد فى مسودة الدستور.
المادة 46 الخاصة بحرية التنقل: إن الدولة هى التى تكفل حرية التنقل والإقامة والهجرة. كما لم تنص المادة على حق جميع المواطنين فى الحصول على وثيقة سفر.
المادة 47 الخاصة بالحق فى تنظيم الاجتماعات العامة: يجب أن تنص هذه المادة على أن الحق فى تنظيم الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية من غير الحاملين سلاحا يشمل المواطنين والمواطنات على حد سواء. كما رأى المجتمعون أن تكون ممارسة هذا الحق بمجرد إخطار مسبق للسلطة المختصة دون الحاجة إلى قانون ينظم كيفية الإخطار عنها، كما أكدوا أنه لا تنازل عن أن تكون حماية الدولة لهذه التجمعات واجبا دستوريا.
المادة 48 عن تكوين الجمعيات والمؤسسات: إن هذا الحق ينبغى أن يشمل الروابط، وأن يمتد حق تكوين هذه الهياكل بالإضافة للأحزاب السياسية بمجرد الإخطار إلى كل المواطنين والمواطنات على حد سواء، على أن تتمتع هذه التشكيلات بالشخصية الاعتبارية وألا يجوز حلها أو حل مجالس إدارتها إلا بحكم قضائى. ولفت الحاضرون النظر إلى حاجة الساحة السياسية والمجتمع فى مصر لأن يحظر الدستور إنشاء روابط أو جمعيات أو مؤسسات أهلية أو أحزاب يكون نشاطها سريا أو ذا طابع عسكرى أو استنادا لأى مرجعية تتعارض مع المقومات الأساسية والحقوق والحريات الواردة فى الدستور.
المادة 49 عن إنشاء النقابات: إن حرية إنشاء النقابات والاتحادات والتعاونيات يجب أن تكون مكفولة بمجرد الإخطار على أن تقوم هذه المنظمات على أسس ديمقراطية دون أن تتدخل الدولة لضمان ذلك. كما يجب أن تلتزم المنظمات والنقابات المهنية التى يخول لها القانون إصدار تراخيص مزاولة المهنة بمساءلة أعضائها عن سلوكهم فى ممارسة نشاطهم وفق مواثيق وضوابط خلقية ومهنية.
المادة 51 عن المشاركة فى الحياة العامة: حفاظا على حقوق المرأة واعترافا بدورها فى المجتمع وفى ثورة ٢٥ يناير، لا يمكن أن يخرج دستور لا ينص صراحة على أن المواطنة لها حق متساوى مع المواطن فى المشاركة فى الحياة العامة والعمل التطوعى وأن من حقها ممارسة حق الانتخاب والترشح وإبداء الرأى فى الاستفتاء وفقا للقانون. كما أنه لا تنازل عن التزام الدولة بإدراج اسم كل مواطن ومواطنة بقاعدة بيانات الناخبين دون طلب. فالنص صراحة على لفظة «مواطنة» فى هذه المادة يقدم البرهان على رؤية اللجنة التأسيسية لمكانة المرأة فى المجتمع المصرى ما بعد ٢٥ بناير ٢٠١١.
المادة 69 عن رعاية النشء والشباب: رأى الحاضرون أن المادة بصورتها الحالية تضخم من الدور الذى تلعبه الدولة فى تنمية النشء ورعاية الشباب وتحملها عبء التدخل المفرط فى حياتهم. واكتفى الحاضرون بنص رصين يفيد بدور الدولة رعاية النشء والشباب وتأهيلهم، وتنميتهم تنمية شاملة بما يمكنهم من المشاركة المجتمعية الفاعلة.
المادة 70 بخصوص حقوق ذوى الاعاقة: اقترح الحاضرون اضافة عبارة تفيد بأن توجه الدولة يقوم فى هذا المجال على ضمان مشاركتهم واندماجهم اجتماعيا فى مؤسسات التعليم وكافة المجالات.
المادة ٧١ الخاصة بالعمل القسرى وتجارة الجنس: ان استخدام المصطلحات الدقيقة قانونا فى هذه المادة يسمح بالاتساق مع القانون الدولى والاتفاقات التى وقعت عليها مصر، كما يضع الدولة أمام مسئوليتها المباشرة فى مكافحة هذه الممارسات التى لا يؤدى إنكار وجودها سوى إلى تكاثرها. وعليه، طالب الحاضرون فى ورش العمل أن يشمل النص الدستورى فى هذه المادة على حظر الاتجار بالبشر رجالا ونساء وأطفالا بالإضافة إلى ما هو منصوص عليه من حظر الرق ــ وليس الاسترقاق ــ والعمل القسرى وتجارة الجنس.
المادة ٧٣ بخصوص اللاجئين السياسيين: اقترح الحاضرون توسيع المادة لتشمل منح الدولة حق اللجوء السياسى لكل أجنبى اضطهد بسبب الدفاع عن مصالح الشعوب أو حقوق الإنسان دون تقييد هذه الحماية بما ينظمه القانون.
المادة ٧٧ بخصوص الوحدة الوطنية: أكد الحاضرون على أهمية أن تكون حماية الوحدة الوطنية واجبا ليس فقط على كل مواطن وإنما أيضا على كل مواطنة. كما توافق الحاضرون على استبدال مصطلح «الوحدة الوطنية» بمصطلح «النسيج الوطنى» للتأكيد على قبول التنوع الذى يجعل النسيج الوطنى المصرى أكثر ثراءً.
●●●
المادة الخاصة «بجرائم النشر» والتى كان نصها: «لا يجوز توجيه الاتهام فى جرائم النشر بغير طريق الإدعاء المباشر، ولا توقع عقوبة سالبة للحرية فى هذه الجرائم». وبررت الجمعية التأسيسية حذف المادة بأنها «تتعارض مع المادة 30 بخصوص عدم التمييز، ولعدم دقة مفهوم جرائم النشر، ولأن الأصل فى تحريك الدعوى الجنائية هو للنيابة العامة، ولأن هذا النص موضعه القانون لا متن الدستور». وعلى الرغم من ذلك، فقد رأى الحاضرون فى ورش العمل أنه يجب إعادة هذه المادة. ذلك أن «جرائم النشر» لا يقترفها فقط الصحفيون، وإنما قد يرتكبها من هذا المنظور كل مواطن من خلال إحدى الوسائل الاعلامية أو الاعلانية (مادة 171 من قانون العقوبات) ويشمل ذلك الكتاب وخطباء ميدان التحرير وشباب المظاهرات ومن يتحدثون فى الفضائيات أو أى مواطن ينشر رأيه فى الصحف أو على الانترنت. والغرض من إعادة المادة هو الغاء عقوبة الحبس فى جرائم النشر على أن ينص قانون العقوبات على عقوبات مادية ضخمة بدلا منه.
●●●
لا يكتمل تكريس الحقوق والحريات فى دستور مصر القادم دون أن يحتوى الدستور نفسه على آليات تضمن تحصينها ضد أى اعتداء من جانب السلطة التنفيذية أو من جانب السلطة التشريعية فى إطار تبنى قوانين ــ وإن كانت انتقالية ــ تمس بأصل الحقوق والحريات الواردة فيه. وبناء عليه، اقترح الحاضرون فى ورش العمل إضافة ثلاثة نصوص انتقوها من مبادرات شعبية سابقة:
أولا: النص على أن الحقوق والحريات الواردة فى هذا الباب تفرض على الدولة ثلاثة التزامات أساسية: الالتزام بالاحترام: الذى يتضمن مسئولية الدولة عن ألا يقوم أيا من أجهزتها أو موظفيها أو تابعيها بالاعتداء أو إعاقة أى حق من الحقوق؛ الالتزام بالحماية: والذى يتضمن مسئولية الدولة عن ألا يقوم أى أفراد أو جماعات أو كيانات خاصة بحرمان الأفراد من حقوقهم وأن تكون الدولة مسئولة عن أى انتهاكات أو اعتداءات على الحقوق؛ الالتزام بإعمال الحقوق وتوافرها وتسهيلها لكل مستحقيها.
ثانيا: النص على أن المبادئ والحقوق والحريات الواردة فى هذا الدستور لصيقة بشخص المواطن ولا تقبل تعطيلا أو انتقاصا أو ايقافا. كما أنه لا مفر من أن يتم النص صراحة على عدم جواز اصدار قوانين تنظم ممارسة أى حق أو حرية بشكل يقيدها أو يمس أصلها وجوهرها أو يتعارض مع المقومات الأساسية للدولة والمجتمع ولا مع مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان بوجه عام.
ثالثا: أن يُحظر دستوريا تأويل أى نص من نصوص الدستور على نحو يخول جماعة أو فردا أى حق فى القيام بنشاط أو تأدية عمل أو الامتناع عن عمل يؤدى إلى هدم أو انتقاص أو انتهاك أى من الحقوق والحريات والواجبات العامة والمقومات الأساسية الواردة فى الدستور أو فى المواثيق الدولية لحقوق الإنسان.