لا مفاجأة على الإطلاق، أن نكون رابع بؤساء العالم، وأن نحصل على المركز 57 من بين 60 دولة هى الأكثر بؤسا، إنجاز جديد يضاف إلى قائمة الإنجازات العملاقة منذ الثمانينيات.
ما المفاجأة فى بلد استقال من التاريخ والجغرافيا والسياسة بمحض إرادته، وقرر الجلوس فى مقاعد المتفرجين والمشجعين؟
ما المفاجأة ونحن نطلق على افتتاح كشك سجائر أو محطة بنزين مشروعا قوميا غير مسبوق؟
فعلا.. نحن وطن غير مسبوق من كل الوجوه، وهل هناك غيرنا لديه أكثر من 15 هرما رابعا؟!
مترو الأنفاق هرم مصر الرابع، توشكى هرم مصر الرابع، عبد الوهاب هرم مصر الرابع، أم كلثوم هرم رابع، وقبل ذلك السد العالى كان هرمنا الرابع، والنادى الأهلى هرم رابع، وحسام حسن وكذلك مدينة الإنتاج الإعلامى، حتى جاء الدور على فيفى عبده ودينا لتتصارعا على لقب هرم مصر الرابع!.
ولا أعلم لماذا وقد امتلكنا كل هؤلاء «الهرم الرابع» لا يكون لدينا هرم خامس وسادس وسابع. لماذا توقفنا عند الرابع تحديدا ودخلنا فى صراع خائب عليه؟!.
يقول الخبر الذى انفرد به الزميل وائل جمال فى «الشروق» أمس، إن مصر احتلت المركز السابع والخمسين من بين ستين دولة ــ حسب مؤشر البؤس العالمى لعام مضى والذى تعده وكالة بلومبرج للأنباء ــ وفى تفاصيل الخبر أن النتيجة تحتسب وفقا لبينات التضخم ومؤشرات أسعار المستهلكين مع معدلات البطالة.
لست ضليعا فى شئون الاقتصاد، كما كان سليمان باشا نجيب ضليعا فى شئون الفجل الرومى و«الكرات» وسبايط الموز، لكنى أعرف وأرى فى بلادنا الجميلة شبابا ينتحرون لأنهم حرموا من فرص عمل ووظائف يستحقونها، وأعرف كما يعرف غيرى أن شهداءنا باتوا يسقطون فى طوابير الخبز وليس فى ساحات القتال، وأرى كما يرى الجميع أن الترقى والصعود فى بلادنا الجميلة التى ترفل فى بحبوحة المشروعات العملاقة لا يحدث وفقا لمعايير الكفاءة والتفوق، بعد أن أطلقنا خيول النفاق والتزلف على أعنتها.
وأعرف كما يعرف الكل أن وطنا جميلا ورومانسيا ومثاليا مثل وطننا لم يحتمل وجود جمال حمدان وعبدالوهاب المسيرى، وغيرهما طابور طويل من الأفذاذ، ووضع القط والقنفذ والجعران والسعران فى صدارة المشهد الثقافى والصحفى.
منك لله، يا وائل يا جمال، قلبت علينا المواجع.. أفضل عقاب لك أن أمنحك لقب هرم مصر الرابع.