نشرت جريدة الخليج الإماراتية مقالا للكاتب عبداللطيف الزبيدى، استعرض فيه الأجيال الأربعة لظهور الروبوتات، ذاكرا أن الجيل الرابع يمثل مرحلة مرعبة، إذ يندمج فيه الإنسان الآلى بالإنسان البشرى، ويصبح لا حدود أو فواصل بينهما... نعرض من المقال ما يلى.
هل نحن أمام تطوّر لم يخطر على بال داروين؟ البشرية الآن تتعايش مع الجيل الرابع من الذكاء الاصطناعى، جيل من الروبوتات بدأ يختلط فيه الحابل الآدمى بالنابل الآلى. فى العمود حابل آخر ونابل آخر، فستختلط المعلومات المقتبسة من موقع «ذى كونفرسيشن» (المحادثة أو الحوار) بتعليقات القلم وتعقيباته.
لا حرج على التذكير برباعية الأجيال الروبوتية. كان الجيل الأول من عام 1950 إلى 1975، ظلت الروبوتات فى تلك السنين كالحيوانات الخطرة المفترسة خلف القضبان بمنأى عن الناس، خشية تهشيم العظام بين نيوب الروبوت الضرغام. بعد ذلك ظهرت تطويرات جزئية، إلى أن برز بين سنتى 1990 و2010 الجيل الثانى، لاحت روبوتات قاب قوسين أو أدنى من الجنس البشرى، صارت لها تفاعلات أوليّة مع الإنسان كأداء وظائف منزلية وترفيهية. الجيل الثالث فيه ماضٍ ومستقبل قريب، منذ 2005 إلى 2025 غدت الأمور أكثر جدّية فى التفاعل الاجتماعى والبدنى بين الإنسان والروبوت، من مظاهرها الأعضاء الروبوتية. أما القفزة العملاقة فهى الجيل الرابع الذى سيمتدّ من 2015 إلى 2030، وفيه إحداث تغييرات فى جسم الإنسان. هنا ستصبح الروبوتات جزءا من جسم الإنسان يعطيه أبعادا جديدة. هنا دخل الدماغ البشرى عالم الخيال العلمى بحق، لكن هذه المقدمة لن تكون خلدونية طويلة.
فى بضعة عقود تنوّعت الروبوتات بلا حدود وغزت وظائفها الصناعة والفضاء والشئون العسكرية والطب، والبحث العلمى والفنون، والمجالات لا تحصى. سنة 1961 استخدمت «جنرال موتورز» الروبوتات الصناعية الأولى. لكن فى عام 1980 كان لدى «تويوتا» اليابانية أربعين ألف روبوت، وفولفو السويدية عشرين ألفا. آنذاك كان الاقتراب من الإنسان الآلى ممنوعا.
قال القلم: ذلك قرار صائب. هل تجرؤ على الاقتراب من جماعة نياندرتالية أو هوموسابيانس، الإنسان العاقل، إذا لمحتهم من بعيد؟ «إذا لولّيت منهم فرارا ولملئت منهم رعبا».
حتى الجيل الثالث، كانت الفاصلة بين الإنسان والروبوت واضحة، على الرغم من الاتصال والتفاعل، حتى فى حالة اليد أو الرجل الآلية. أما فى الجيل الرابع فالحدود متداخلة ومتماهية فى الملموس والمحسوس، الطريف فى بداية الحاسوب أن الكثيرين كانوا يسخرون من تسميته العقل الإلكترونى، اليوم قد يعاد النظر فى رفض التسمية. فقد صار العلماء متفقين على ضرورة التعمق فى العلوم العصبية لمعرفة الطرائق الأفضل لتطوير الذكاء الاصطناعى، ومن ثم الأجيال والمجتمعات. ثلاثمائة ألف سنة تفصل الإنسان العاقل عن الإنسان اليوم، لكن الآلة فى عقدين غدت تؤلّف الموسيقى والقصة والمسرح، ولها خوارق فى الخوارزميات. 90% من البشر لا يعرفون ما هى الخوارزميات.
لزوم ما يلزم: النتيجة الغرائبية: لم يجد الخبراء مصطلحا أفضل من «الحلول» (أنكرنيشن) للدلالة على الجيل الرابع فصاعدا، حلول الروبوت فى الإنسان.