قد تكون الصحة أهم حق يجب أن تعد به حكومة الثورة المواطن المصرى بعد أن عاهدته على الحق فى حرية إبداء الرأى، وصدقت فى أول اختبار. لكن الأمر يبدو عسيرا. فإلى الآن لم تتضح معالم واضحة لسياسة الحكومة تحدد مسئولياتها تجاه صحة الإنسان المصرى. هل ستتبنى الدولة قضية تأمين الإنسان صحيا بكامل تبعاتها؟ هل يجب أن يتمتع المواطن بالحق الكامل فى الصحة حقا تكفله الدولة. بلا أى واجبات تفرضها عليه؟ أم أن هناك صيغة يجب أن تدرس بموضوعية تتناسب مع مقدرات وزارة الصحة والتكلفة الحقيقية للخدمات الصحية التى تقدمها المراكز المتخصصة والمستشفيات العامة والوحدات الصحية من جهة وما يستطيعه المواطن المصرى وتطيقه ميزانيته على تواضعها من جهة أخرى؟
لا أدعى أن لدى حلا سحريا لتلك المشكلة المزمنة التى تحتل مساحة غير محدودة من تفكيرى، لكننى أدعو لمناقشتها فى ضوء معطيات واقعية حقيقية.
بلا خوف أو حذر أراه يفسر الأمر كله. الواقع أن أحداث 25 يناير تلقى بظل ينسحب على الصحة فى مصر بالسلب بصورة كان مقدرا أن تكون على العكس تماما بدأها الوزير السابق سامح فريد بتصريحات تؤكد أن الدولة ستتحمل بالكامل فاتورة علاج المصريين، وأن العلاج بالمجان هو ما يجب أن تقدمه كل المؤسسات العلاجية التابعة لوزارة الصحة. تراجع الدكتور أشرف حاتم فى تصريحاته إلى حدود العلاج بقرارات على نفقة الدولة، مشيرا إلى أن مشروع التأمين الصحى قادم لا محالة، وأن رصيد أدوية الغلابة نفد لحد تعبيره المنشور بجريدة الأهرام.
كل الوزراء حاليا يتحدثون وعيونهم قبلتها ميدان التحرير، الأمر الذى يجعلهم يغضون البصر عن حقائق إن غابت فقدت خططهم المستقبلية رصيدها من احتمالات النجاح فى مرحلة نحن أحوج ما نكون فيها لخطط واقعية لا تقبل الفشل عند تنفيذها.
تتعدد نظم التأمين الصحى فى العالم وتلقى نجاحا تلقائيا فى ضمان مستوى الخدمات الصحية وتنشر مظلة من الأمن الصحى على خريطة الوطن بالكامل، لأن تلك الدول سبقت وناقشت ملفات صحية توائم بين حقوق المواطن وواجبات الدولة بصورة واقعية ولنكمل حديثنا الأسبوع القادم بصورة أكثر وضوحا: ماذا يحدث إذا تقدم مواطن مريض إلى إحدى المؤسسات العلاجية فى مصر يطالب بحقه فى العلاج بينما هو يعيش تحت مستوى خط الفقر العام؟. وللحديث بقية.