سياسة الميكروباص - أحمد مجاهد - بوابة الشروق
الإثنين 6 يناير 2025 10:47 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

سياسة الميكروباص

نشر فى : الإثنين 18 أبريل 2011 - 9:59 ص | آخر تحديث : الإثنين 18 أبريل 2011 - 9:59 ص
هل أصبحت الأمور فى مصر تدار بسياسة الميكروباص؟

وسياسة الميكروباص تعتمد على الصوت العالى ولى الذراع والتبجح والسير بدون رخص، وشحن مجموعة من الأنصار فى ميكروباص للقيام بمظاهرة أو اعتصام فى ميدان عام وتحويله إلى موقف خاص لا يتم الجلاء عنه إلا بعد تحصيل الأجرة، وهى تعنى فى هذا السياق تحقيق المطلب الفئوى.

ويمكن ضرب أمثلة عديدة على انتشار هذه السياسة فى الأمور الصغيرة والكبيرة أيضا، فمثال الأمور الصغيرة قيام بعض الطلاب فى إحدى الكليات بالتجمهر وتهديد أستاذتهم بأنها إذا خرجت أسئلة امتحان مادتها عما هو موجود فى الخمسين صفحة التى حددوها لها، فإنهم سوف يمتنعون جميعا عن حل الأسئلة، وسيقمون بمهاجمتها فى كراسات الإجابة، لتكون نتيجتها لم ينجح أحد تمهيدا للمطالبة بإقالتها.

ومثال الأمور الكبيرة إنشاء وزارة مستحدثة للآثار فى حكومة الدكتور شفيق التى جاءت لتسيير الأعمال فى ظروف عصيبة من تاريخ مصر، كانت تستدعى تقليص عدد الحقائب الوزارية الموجودة فى الحكومة السابقة عليها أساسا وليس الإضافة إليها. ثم إعلان الدكتور عصام شرف عن عودة ضم الآثار للثقافة مرة أخرى، ثم عدوله عن قراره وفصلهما مرة أخرى بعد ذهاب ميكروباص من الأثريين متظاهرا للمطالبة بإعادة الفصل، مما أربكه فى البحث عن وزير لهذه الوزارة الطارئة.

والمشكلة ليست فى الفصل أو الضم، بل المشكلة فى الدافع الذى يتحكم فى اتخاذ القرار، لأن قرارا مثل هذا يستدعى دراسة متأنية للجوانب الإيجابية والسلبية لكلا الخيارين لتحديد أفضلهما والالتزام بتنفيذه فورا، وأقطع بأن الظروف فى مصر منذ 25 يناير وحتى الآن لم تسمح بمثل هذه الدراسة.

أما آخر مظاهر هذه السياسة حتى كتابة هذا المقال فهى تظاهر مجموعة من العاملين بمحافظتى حلوان و6 أكتوبر اعتراضا على إعادة ضمهما إلى القاهرة والجيزة، وقد استخدم المتظاهرون البلدوزرات وعربات نقل القمامة التابعة للمحافظتين فى إحداث الفزع وغلق المرور فى شارع مجلس الشعب، مما دفع وزير التنمية المحلية اللواء محسن النعمانى على الرغم من مقابلته لهم ووعدهم بأن أحدا من العاملين لن يضار ماليا أو وظيفيا إلى الخروج من الباب الخلفى لمجلس الوزراء، وسط تهديدهم بالاعتصام حتى يتم تنفيذ مطلبهم.

لكن رد فعل الحكومة كان مختلفا هذه المرة، حيث أعلن المستشار الإعلامى لرئيس الوزراء أنه لا تراجع عن دمج أكتوبر وحلوان لأن القرار مدروس.

وقد نشرت جريدة الأهرام فى عددها الصادر يوم 15 إبريل تحقيقا حول هذا الموضوع أشارت فيه إلى أن «خبراء التخطيط العمرانى قد أجمعوا على تأييدهم لقرار إلغاء محافظتى حلوان و6 أكتوبر لكونه تصحيحا لقرار خاطئ لم يراع الأسس التخطيطية والعمرانية والاقتصادية السليمة، حيث أدى إلى خنق القاهرة وحرمانها من ظهيرها الصحراوى».

أما بالنسبة لمحافظة 6 أكتوبر « فقد أشارت بعض التقارير إلى أن قرار الفصل كان يهدف لرفع سعر الأراضى والعقارات فى مناطق محددة لصالح مجموعات معينة من رجال الأعمال وسماسرة الأراضى المنتسبة للنظام السابق، كما أنه لم يكن ضمن المخطط الاستراتيجى للقاهرة 2050 الذى قيل إنه يمثل خريطة طريق لمستقبل العمران فى مصر».

ومن هذا يمكننا اكتشاف أن مثل هذه التظاهرات التى تتخفى فى ثياب 25 يناير، تصب فى حقيقة الأمر بنهر الثورة المضادة.

ولا يمكننى فى هذا السياق إغفال الحديث عن مظاهرات الاعتراض التى تواجه اللواء عماد شحاتة ميخائيل المحافظ الجديد لقنا، حيث أعلن المتظاهرون بعد أداء صلاة العصر بالميدان أنهم لن يفضوا الاعتصام حتى تتم الاستجابة لمطالبهم بصدور قرار يلغى تعيين المحافظ.

وإذا كنت أتفهم اعتراض الجماهير على بعض المحافظين السابقين الذين تم نقلهم أو التجديد لهم لوجود سابق خبرة بطبيعة آدائهم، فإننى لا أفهم الاعتراض على محافظ جديد ليس لهم به سابق معرفة.

لهذا كنت شغوفا بجمع هذه الأسباب من تعليقات الإنترنت، وانتهيت إلى حصرها فى ثلاثة أسباب: أنه مسيحى. أو أن اختياره يرسخ لأن يكون محافظ هذه المحافظة مسيحيا بالضرورة. أو أنه ضابط شرطة ولهذا يتوقع أن تكون سياسته مثل سياسة سلفه الذى تمت المطالبة برحيله.

وإذا كان السببان الأول والثانى يعودان بنا مرة أخرى إلى دائرة الطائفية المقيتة التى نرفضها جميعا، فإن السبب الثالث يتناسى أن من أسس نهضة محافظة قنا ورفعها إلى مصاف العالمية هو اللواء عادل لبيب الذى كان ضابط شرطة أيضا.

إذن هذا الاعتراض يخلو من المنطق أيضا قبل معاينة أداء الرجل وسياساته، وكل تظاهر واعتصام يخلو من منطق يصب بالضرورة فى مصلحة الثورة المضادة.

 

التعليقات