تسبب حادث الانفجار الذى وقع هذا الأسبوع فى مخزن للذخيرة فى بغداد بموجة من الشائعات والتخمينات، كما لو أن الحديث يدور حول هجوم إسرائيلى. ومع أن هذه الحادثة نجمت عن خلل وليس عن هجوم، فإن حصيلة التقارير الإعلامية المنشورة فى الأسابيع الأخيرة ترسم صورة متعلقة بالمعركة الإسرائيلية ضد إيران، توضح بأنها آخذة بالاتساع إلى تخوم العراق، وربما إلى ساحات أُخرى لم يُكشف عنها النقاب بعد. وبموجب هذه التقارير فإن إسرائيل عادت إلى ممارسة نشاطات عسكرية فى العراق بعد انقضاء 38 عاما على تدمير المفاعل النووى فى بغداد.
إن الذى قام بتنفيذ الهجمات الأخيرة ضد قواعد إيرانية فى العراق فعل ذلك على نحو سريّ للغاية. فلم تكن هناك طائرات مقاتلة فى الجو خلال شن الهجمات، ولم يتم استخدام أى أدوات يمكن ربطها بإسرائيل. وإذا ما كانت إسرائيل وسّعت حدود معركتها ضد إيران إلى خارج الأراضى السورية، يمكن الافتراض بأنها تستخدم جميع أذرعتها فى هذا الجهد.
فى الأشهر الأخيرة قام الإيرانيون بإبعاد نشاطات تهريب أسلحتهم من مطار دمشق الدولى، وذلك بعد أن أوضحت الهجمات المتكررة لسلاح الجو الإسرائيلى ضد المطار للسوريين أنه لا يمكن استخدامه كمطار وكمسار لتهريب الأسلحة. واضطر الإيرانيون إلى الخروج والانتشار فى قواعد سلاح الجو السورى الأبعد ــ فى حماة وحلب وحمص وتى فور، لكن واصلت إسرائيل شن هجمات عليهم هناك وفقا لوسائل الإعلام الأجنبية، ولذا اتجهوا إلى المسار البرى.
ومع وجود سيطرة كاملة لجيش الرئيس بشار الأسد على معبر البوكمال الحدودى بين سوريا والعراق، فُتحت أمام إيران الطريق لنقل شحنات أسلحة مُحمّلة على شاحنات إلى سوريا عبر العراق، ثم إلى لبنان. ولم تستخدم إيران بعد المسار البحرى إلى ميناء بيروت، لكن يمكن الافتراض أنها ستستخدمه فى وقت ما.
وإذا ما استندنا إلى تقارير إعلامية تُنشر فى الآونة الأخيرة فى العالم العربى، يمكن القول إن إسرائيل قررت ألّا تنتظر وصول شحنات الأسلحة هذه إلى سوريا، وأن تحبطها فى بداية الطريق.
فى حال كانت هذه التقارير صحيحة، فإن شن هجمات جوية فى العراق موضوع معقّد. وحتى لو لم يتم شنها من خلال سلاح الجو يجب تنسيقها مع الأمريكيين الذين ما زالوا موجودين فى الأراضى العراقية. كما أنه يجب إدارتها من دون إثارة أى كراهية لا لزوم لها فى أوساط العراقيين. وعلى الرغم من أن إيران تملك قدرة تأثير مهمة فى السياسة العراقية، لا ترغب إسرائيل فى أن تحوّل العراقيين إلى أعداء لها، نظرا إلى أنه لا يوجد بينها وبينهم أى نزاع حاليا.
مع ذلك لن تسمح إسرائيل بأن يكون العراق مسار تهريب ولا منطقة نصب صواريخ [إيرانية] يمكن أن تشكل تهديدا لها. وحتى الآن يمتنع العراق بصورة رسمية من اتهام إسرائيل بشن هجمات عليه. كما أن رئيس الحكومة العراقية عادل عبدالمهدى الذى تعهّد بألّا يشكل العراق قاعدة لإطلاق صواريخ إيرانية، يلتزم الصمت. ومن المثير أيضا أن إيران لا تتطرّق بصورة رسمية إلى هذه الهجمات، وربما تفعل ذلك لأن لديها ما تخفيه.