ألان درشوفيتس
إن الدبلوماسية أفضل من الحرب، لكن الدبلوماسية السيئة يمكن أن تتسبب بحروب. واليوم تقود الولايات المتحدة المساعى الدبلوماسية من أجل التوصل إلى منعطف يمنع إيران من تطوير سلاح نووى أو الحصول على قدرة لتطوير مثل هذا السلاح. لا خلاف بشأن هذا الهدف المهم، فالجميع متفقون على أن حصول إيران على السلاح النووى سيشكل تهديدا خطيرا على الولايات المتحدة وحلفائها.
من جهة أخرى، يمكن فهم تخوف قادة إسرائيل وفرنسا والسعودية ودول أخرى، من أن زعماء إيران يحاولون فقط كسب الوقت من أجل تخفيف العقوبات التى تلحق ضررا كبيرا باقتصادهم مقابل تنازلات هامشية. يتخوف زعماء هذه الدول ومعهم العديد من الخبراء من صفقة سيئة جون كيرى مستعد للقبول بها، تسمح للإيرانيين بالاقتراب من الحصول على السلاح النووى، وفى الوقت عينه تسمح لهم بترميم اقتصادهم المتعثر، وتكون نتيجتها أن إيران ستصبح أكثر قوة وقدرة على صنع السلاح النووى بسرعة فى الخفاء. فى حال حدوث ذلك، سنشهد من جديد تكرار التجربة الفاشلة فى منع كوريا الشمالية من الحصول على السلاح النووى، لكن هذه المرة فى منطقة أكثر اشتعالا وخطورة بكثير. وإذا استغلت إيران المساعى الدبلوماسية الحالية من أجل كسب الوقت والوصول إلى وضع يصبح فيه من الصعب القيام بهجوم وقائى ضدها، فإن هذا سيكون بمثابة تكرار للخطأ الذى ارتكبه قبل 75 عاما رئيس الحكومة البريطانى المثالى لكن الساذج، تشامبرلين، والمتمثل فى الصفقة السيئة التى أبرمها مع النازيين فى محاولة يائسة للحؤول دون الحاجة إلى استخدام القوة العسكرية ضدهم. لكن لم يمر وقت قصير حتى نشبت الحرب ودخل الحلفاء فيها من موقع أكثر ضعفا بكثير بعد تخليهم للألمان عن منطقة صناعية حيوية من الناحية العسكرية، وأتاحوا لهم الوقت لتعظيم قوتهم العسكرية. وكانت النتيجة مقتل عشرات الملايين من البشر. لقد كان من الممكن تجنب حدوث ذلك لو بادر الفرنسيون والبريطانيون إلى شن حرب وقائية بدلا من تقديم تنازلات خطرة للنازيين حين كانوا لا يزالون ضعفاء. إن الخيار المطروح اليوم أمام العالم ليس الاختيار بين الدبلوماسية والحرب الوقائية كما كان سنة 1938 ، فلدينا اليوم خيار ثالث هو الإبقاء على العقوبات الاقتصادية من دون تغيير لا بل تشديدها، وفى المقابل إبقاء خيار الهجوم العسكرى مطروحا على الطاولة. إن هذا المزيج هو الذى دفع إيران إلى طاولة المفاوضات، وهو دون سواه سيجبر الإيرانيين على التخلى عن طموحهم فى الحصول على السلاح النووي. إن تخفيف العقوبات اليوم مقابل التعهد بالمحافظة على الستاتيكو، دبلوماسية سيئة ودليل ضعف خاصة وقت نحتاج إلى إظهار قوة. تقف زعامة الجالية الموالية لإسرائيل فى الولايات المتحدة والزعامة الإسرائيلية موقفا موحدا يتمسك بضرورة عدم تخفيف العقوبات مقابل تعهد إيرانى بتجميد المشروع النووى. فالليبراليون والمحافظون، والحمائم والصقور، كلهم مجمعون على أن السبيل الأفضل من أجل منع تحول إيران دولة نووية ومن أجل تفادى هجوم عسكرى، هو الإبقاء على العقوبات القاسية فى مقابل مواصلة العملية الدبلوماسية.