حل الدولتين.. باب مشرع للهروب والتهرب الدوليين - العالم يفكر - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 10:08 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حل الدولتين.. باب مشرع للهروب والتهرب الدوليين

نشر فى : الأحد 19 مارس 2023 - 9:30 م | آخر تحديث : الأحد 19 مارس 2023 - 9:30 م

نشر مركز الحوار العربى بواشنطن مقالا للكاتب عبدالحميد صيام، يقول فيه إن مسألة «حل الدولتين» أصبحت وهما فى ظل زيادة عدد المستوطنات، وتراجع دور السلطة الفلسطينية، وتطبيع عدة دول عربية العلاقات مع تل أبيب. كما أصبح المصطلح (حل الدولتين) شماعة يساعد الدبلوماسيين على التهرب من أسئلة محرجة تتعلق بمعاناة الشعب الفلسطينى وحقوقه... نعرض من المقال ما يلى:

بدأ الكاتب حديثه قائلا: سألت يوما الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، خلال ولايته الأولى، ما إذا كان مقتنعا بصدق أن هناك إمكانية لقيام «دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة ومتواصلة وقابلة للحياة» فكان رده: «أتفهم نبرة الإحباط فى السؤال، ولكن بودى أن يكون لديّ بديل آخر لطرحه. وبما أنه ليس لدىّ «الخطة باء» فمضطر أن أعود للحل المطروح وهو الوحيد الذى يمكن أن يطبق وهو حل الدولتين». وقبل أيام سأل صحفى معروف السؤال نفسه تقريبا فى مقابلة مع الأمين العام أثناء زيارته للدوحة، على هامش «مؤتمر الدول الأقل نموا» فأجاب تقريبا بالكلمات نفسها.

بين المقابلتين على الأقل ست سنوات، نقصت الأرض الفلسطينية وزاد عدد المستوطنات، وجرت برامج تهويد للقدس، واستشهد مئات الفلسطينيين، وصدرت عدة تقارير تؤكد أن إسرائيل تحولت إلى دولة فصل عنصرى، وتراجع دور السلطة الفلسطينية، ودخلت أربع دول عربية خيمة التطبيع، وما زال الدبلوماسيون فى الأمم المتحدة، العرب والأجانب على حد سواء، يتعلقون بوهم «حل الدولتين». لقد تحول هذا القول «نؤيد حل الدولتين» فرصة للتهرب من الإجابة عن أسئلة تتعلق بالوضع الفلسطينى وحقوقه ومعاناته وإحباطاته. فمهما كان السؤال، يجد الدبلوماسى فى هذا الشعار بابا مفتوحا للهرب إلى مساحة آمنة يتحدث فيها براحته عن حل الدولتين.
• • •

يقول الكاتب إنه بدأ يغير من طبيعة الأسئلة، لعله يحظى بإجابات أفضل، فبدأ يركز فى أسئلته على حق الشعب الفلسطينى فى المقاومة التى يضمنها القانون الدولى، وعلى معاملة إسرائيل كدولة فوق القانون الدولى، وعلى استمرار مفعولية قرارات الأمم المتحدة التى لا تموت بالتقادم، وعلى ازدواجية المعايير حيث أعطتنا الحرب فى أوكرانيا فرصة كبيرة للمقارنة بين حالتين فيهما شيء من التشابه. وقد سأل جميع رؤساء الجمعية العامة منذ عام 2013 عن حق الشعب الفلسطينى فى المقاومة، التى ضمنتها قرارات الجمعية العامة. وكان يشير إلى القرارات التى شرعنت النضال ضد الاحتلال باستخدام «الوسائل المتاحة جميع بما فيها الكفاح المسلح» شريطة ألا يخالف ذلك ميثاق الأمم المتحدة، الذى ورد فى أكثر من قرار عن ناميبيا ثم عن فلسطين مثل قرار 3236 لعام 1974. الإجابات كلها كانت تدور حول تأييد حل الدولتين اللتين تعيشان فى سلام ووئام جنبا إلى جنب. الرئيس السابق للدورة 76 عبدالله شاهد، من جزر المالديف، ذهب خطوة صغيرة أبعد عندما تذكر قرار التقسيم 181 (1949) والذى طالب بإنشاء دولتين، واحدة قامت والأخرى ما زالت تنتظر. وأنهى حديثه بأنه يؤيد الحل القائم على الدولتين لأن السند القانونى لهذا الحل موجود فى قرار التقسيم أصلا.
• • •

كانت قضية ازدواجية المعايير واضحة وضوح الشمس فى تصرف الدول الغربية حيال الهجوم الروسى على أوكرانيا والهجومات الإسرائيلية على الشعب الفلسطينى وخاصة غزة، واستهداف الأفراد العزل هنا واستهدافهم هناك، لكن ردود الفعل مختلفة تماما فى الحالتين.

السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس ــ غرينفيلد، أحرجت من سؤال المقارنة بين المقاومة الأوكرانية التى تعتبرها بطولة، والمقاومة الفلسطينية التى تعتبرها إرهابا، وبين تدمير المبانى ومحطات القطارات والمستشفيات التى تعتبرها جرائم حرب فى أوكرانيا بينما هى «دفاع عن النفس» فى الحالة الإسرائيلية. كل الأسئلة أجابت عنها من دون تحضير إلا هذا السؤال. استلت ورقة من ملفها وراحت تقرأ عن موقف بلادها «التى تؤمن بأن الفلسطينيين والإسرائيليين يستحقون القدر نفسه من تدابير الحرية المتساوية، الأمن والازدهار والكرامة. لا ينبغى لأى من الطرفين اتخاذ أى خطوات أحادية الجانب تؤدى إلى تفاقم التوترات وتقويض الجهود لدفع حل الدولتين المتفاوض عليه». السفير الأوكرانى نفسه سيرجى كيستيلسا، ضاق ذرعا عندما سألته كيف يجد المبرر القانونى والأخلاقى لموقف بلاده، التى ترفض العدوان والاحتلال والتهجير فى بلادها، وفى الوقت نفسه تؤيد العدوان الإسرائيلى على الشعب الفلسطينى، الذى يؤدى إلى هدم مبانيه وقتل أطفاله وبناء المستوطنات على أرضه؟»، فقطع السؤال بطريقة عصبية واضحة قائلا: «نحن نؤيد حل الدولتين ولا أريد الكلام عن موقف حكومتى». يتكرر الموقف مع بقية السفراء.
• • •

يستكمل الكاتب: لقد وجد الكثيرون من ممثلى الدول شماعة يعلقون عليها نفاقهم. فحل الدولتين وهم من البداية وحتى هذه اللحظة، سوقته الولايات المتحدة والكيان الصهيونى وبعض الأنظمة العربية لتسهيل ولوج المنظمة من برنامج التحرير إلى برنامج التسوية. وبعدما ولجت هذا الباب بدأ عمل المؤسسة الصهيونية بتدمير أى إمكانية لإقامة دولة مستقلة مترابطة وذات سيادة وعاصمتها القدس الشريف. إنه الوهم الذى ثبتته قيادة التسوية فى عام 1988 فى دورة المجلس الوطنى الفلسطينى التاسعة عشرة فى الجزائر، عندما أعلن قيام «دولة فلسطين المستقلة» وعاصمتها القدس الشريف. وها نحن بعد 35 سنة ما زلنا ننتظر الدولة. الحقيقة التى يحاول البعض تهميشها أو إنكارها أن اتفاقيات أوسلو لم تذكر قضية الدولة المستقلة لا من قريب ولا من بعيد. حتى قضايا الوضع النهائى التى أجل البدء فيها لمدة سنتين ثم إنهاؤها بعد ثلاث سنوات، لم تتحدث عن الدولة، بل عن الاستيطان والقدس وحق العودة والحدود. ولم تحدد المفاهيم بدقة ما المقصود بالحدود. الغريب أن الشعب الفلسطينى يعرف كم كلفه هذا الوهم، لكن أصحاب القرار ما زالوا يعممون الوهم بقيام الدولة المستقلة عن طريق المفاوضات، ألم تكف 30 سنة من بعد أوسلو لإقامة الدولة المستقلة. لماذا أقيمت دولة تيمور الشرقية خلال أربع سنوات ودولة جنوب السودان خلال ست سنوات؟ ألم يحن الوقت للاعتراف بالخطيئة وتجميع كلمة الشعب الفلسطينى بكامله حول برنامج جديد متفق عليه، يؤكد وحدة الأرض والشعب والقضية وينتقل لفرض الموقف السليم عبر المقاومة بمعناها الشامل بدل استجداء المجتمع الدولى من على منبر الجمعية العامة: «وين نروح ــ احمونا».

التعليقات