الدكتور يحيى الجمل، الطود الراسخ، كما وصف نفسه فى مداخلة مع الزميلة ريم ماجد على فضائية أون تى فى، تملص من مسئوليته عن إقحام أسماء محل دهشة واستنكار فى تشكيل المجلس القومى لحقوق الإنسان، وألقاها على الدكتور بطرس غالى.
وبقدرة قادر تحولت عبارات الدكتور الجمل فى رده على ما جاء فى هذا المكان قبل يومين إلى بيان رسمى منسوب للدكتور بطرس غالى رئيس المجلس يدافع فيه ويشرح أسباب اختياره للسيد حازم منير فى التشكيلة الجديدة.
ولا أظن أن الدكتور بطرس الذى يرقد على فراش المرض فى مستشفى «الشروق» بالمهندسين منذ أيام تسبق الإعلان عن إعادة تشكيل المجلس، يمتلك الوقت والجهد اللازمين لكى يتحامل على آلام المرض وينتفض مدافعا عن ضم المجلس القومى لحقوق الإنسان المصرى لحازم منير، رجل أنس الفقى وصفيه فى التليفزيون المصرى، والذى تفاخر علنا بأنه كان جنديا فى المعسكر المضاد لثورة 25 يناير، وأحد الذين هتفوا «بالروح بالدم نفديك يا مبارك» قبل لحظات من انطلاق غزوة الجمل التى أثخنت مصر كلها بالجراح.
لا يعقل أن الدكتور غالى وهو فى ظروف مرضية استدعت نقله إلى المستشفى سيكون مشغولا بخوض معركة ــ ليست معركته ــ دفاعا عن السيد حازم منير، أو غيره من السادة الذى يعد وجودهم ضمن تشكيلة المجلس أشبه بالنغمة النشاز فى لحن كان من الممكن أن يكون جميلا، لولا أن المايسترو قرر أن يشرك فى عزفه مجموعة من قارعى طبول الحرب على الثورة.
أما أن يعتبر الدكتور يحيى الجمل نفسه كالطود الراسخ، فهذا حقه الذى لا ينازعه فيه أحد ، لكن حين يرى البعض أن أداء الجمل كنائب لرئيس الوزراء لا يتناسب مع الحالة الثورية التى تعيشها مصر، فإن ذلك لا يعد من باب التجديف أو العيب فى الذات العليا، فالجمل (أو الجبل كما يرى نفسه) ليس فوق النقد أو حتى التعبير عن الرفض لوجوده بهذا المنصب فى المرحلة التى نعيشها.
لكن أن يعتبر الفقيه الدستورى أن انتقاده والهجوم عليه يأتى ضمن ثورة مضادة تحركها «إسرائيل» لإقصائه عن موقعه فنحن هنا أمام كوميديا سياسية زاعقة، والأهم أنه بهذا المعيار ربما يصبح كل من يطالب برحيل الجمل عميلا للصهيونية وضالعا فى حرب عالمية ضده.
إن من حق كل منحاز للثورة أن يبدى دهشته وامتعاضه من أشياء تبدو متناقضة تماما مع روح الثورة، ومن هذه الأشياء المزعجة ما جاء فى بلاغ قدمه رئيس حركة «مواطنون ضد الغلاء» محمود العسقلانى إلى النائب العام يتضمن أن الدكتور يحيى الجمل صاحب فكرة مشروع قانون التصالح مع رجال أعمال النظام السابق، هو ذاته المستشار القانونى لإحدى شركات رجل أعمال الحزب الوطنى والاسم الأشهر فى موقعة الجمل الشهيرة إبراهيم كامل.
ولو صح ذلك فإننا نكون بصدد واحد من ألغاز مصر بعد الثورة.