أرامل البوكر - شعبان يوسف - بوابة الشروق
الإثنين 3 فبراير 2025 9:17 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

أرامل البوكر

نشر فى : الجمعة 19 نوفمبر 2010 - 10:55 ص | آخر تحديث : الجمعة 19 نوفمبر 2010 - 10:55 ص

 لم تحدث جائزة عربية صخبا وضجيجا مثلما فعلت جائزة البوكر العربية، وللعام الرابع على التوالى يصل هذا الضجيج وذلك الصخب إلى درجات قصوى، وأثبت الجدل الدائر حولها منذ أن أعلنت عن نفسها، أن طريقة الحوار ليست راقية، فالكتاب الروائيون الذين لم تشملهم قائمة الناشر الذى يتقدم للمسابقة، يتطاولون عليه، وهناك فى الكواليس حكايات خجلة فى هذا الأمر، ناهيك عن الكتاب الذين يسلقون أعمالا روائية كتابة ومراجعة ونشرا من أجل أن يلحق بقطار البوكر،

وهناك كتاب لم تشملهم رحمة الناشر، فسارعوا بنشر أعمالهم فى دور نشر وهمية للانتظار فى صفوف البوكر، مما يذكرنا بنواب الحزب الوطنى الذين استبعدوا من قوائم الحزب فى انتخابات البرلمان، فسارعوا بتقديم أنفسهم كمستقلين، أى أن الطريقة شبه واحدة، وهذا الضجيج الذى يسبق الإعلان عن القوائم الطويلة فالقصيرة، يكون بمثابة التمهيد للصخب والضجيج الكبيرين اللذين يعقبان قوائم المرشحة،

ويصل هذا الصخب إلى حد السباب والردح، وشمل قائمة السبابين، روائيين كبارا، ونقادا كبارا أيضا، رموا اللجنة بأقذع النعوت، نعوت يعاقب عليها القانون، ولا تليق بمستوى أى حوار موضوعى، وتقرأ أو تشاهد ونسمع ما تعف عنه الآذان، ويصف ناقد كبير رئيس اللجنة بأنه كاتب من الدرجة الثالثة، وتعقب روائية خارجة من جنة البوكر: «إن رئيس اللجنة ليس كاتبا من الدرجة الثالثة فقط، بل انه من الدرجة العاشرة»!

والسؤال: هل أى كاتب روائى تتقدم دار النشر بعمله بموافقته يشترط مسبقا أن تكون اللجنة مكونة من الناقد هذا أو الناقدة تلك؟ أظن أن كل الروائيين الذين دخلت أعمالهم المسابقة كانوا موافقين على الشروط، وراضين بما سيحدث، هذا هو الطبيعى والمقبول، وليس العكس أن يتقدم الناشر بعمل الروائى، وهو ضامن له النجاح الساحق، مثلما فعل أحد الناشرين الذين انسحب فور إعلان اسم الفائز الأخير، وهذه ليست أخلاقا ثقافية على الإطلاق، أى (لافيها لاخفيها) كما يقول المثل، إما فوز ساحق، وإما حرب شعواء على الجميع على اللجنة، وعلى المنظمين، وعلى المنسقة جمانة حداد التى نالت حظا كبيرا من السباب، واتهامها بالتآمر، أما الروائية إياها والتى وصفت رئيس اللجنة بأنه كاتب من الدرجة العاشرة، هل سيكون هذا رأيها لو فازت بالجائزة؟

بالطبع لا.. وأجيب بالقطع، لأنه لم يحدث أن أحدا سب اللجنة بعدما اختارته فى قوائمها المرشحة، فقط أحد الروائيين العام الماضى تحدث ــ أيضا ــ عن اللجنة بشكل سلبى، ووصف إحدى أعضاء لجنة التحكيم بأنها ناقدة «غلبانة»، ووصفها ناقد آخر بأنها مجرد محللة نفسية، وكل هذه شتائم ناتجة عن عصاب ثقافى ــ إذا صح التعبير ــ يتحكم بالمرء وقت الأزمات فيظل يطلق الشتائم والسباب حتى تخفت الضجة فتخفت معها كل المظاهر المصاحبة.
وبعيدا عن الشتامين والرداحين والسبابين بجائزة البوكر، فالجائزة أثبتت ــ بالفعل ــ جدارتها، ورفعت من توزيع الكتاب الأدبى، وعرفت بكتاب كثيرين فى مختلف مراحلها، وقدمت روائيين لم يكونوا معروفين من قبل على الإطلاق، وظلت علامة البوكر هى التى تميزهم، وأصبحوا يتحركون بصفتهم حاصلين على جائزة البوكر، واستثمروا فوزهم بها استثمارا كبيرا، وبطرق مختلفة أما كتاب آخرون أضافوا إلى الجائزة مجدا كبيرا، ولم تكن الجائزة إلا سطرا فى سيرهم الذاتية، ولم يتاجروا بها على الإطلاق، ولم يصدروا أنفسهم بصفتهم حاصلين على جائزة يتيمة فى حياتهم!

قليل من التعقل من الممكن أن يضبط الحوار، لكن المأساة أن الكبار أيضا من النقاد والروائيين دخلوا ساحة الجدل مسلحين بقذائف سابقة الصنع، وأطلقوا ــ العام الماضى ــ أن الجائزة فقدت مصداقيتها، وهم يعرفون أن هذا غير صحيح، بدليل القائمة التى أعلنت هذا العام، وشملت كتابا كبارا مثل خيرى شلبى وسالم بنخميش وواسين الأعرج وفواز حداد، شملت كاتبا أثبتت تجاربهم الروائية حضورا قويا مثل رجاء عالم السعودية، وميرال الطحاوى المصرية ورينيه حايك اللبنانية.

الجدل ــ بالطبع ــ حول هذه الأسماء سيكون كثيرا، خاصة بعد إعلان القائمة القصيرة، والتى ستحذف فى التصفية عشرة أسماء، هنا سيثور الجدل، وستنال اللجنة قدرا كبيرا جدا من اللعنات، وسيبادر كثيرون بإعلان موت جائزة البوكر، وليس فقدان المصداقية فقط، وأظن أن هذه طريقة حوار حربية ألفناها كثيرا، وتقريبا أصبحت هى الطريقة النموذجية التى يخاطب المثقفون بها بعضهم البعض، وربما لعنة البوكر أو لوثة البوكر لحقت الجميع.



شعبان يوسف  كاتب صحفي
التعليقات