حول التشكيل الأخير للجان المجلس الأعلى للثقافة - شعبان يوسف - بوابة الشروق
الإثنين 3 فبراير 2025 10:06 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

حول التشكيل الأخير للجان المجلس الأعلى للثقافة

نشر فى : الجمعة 20 يناير 2012 - 9:05 ص | آخر تحديث : الجمعة 20 يناير 2012 - 9:05 ص

منذ أن أُعلنت قوائم الكتّاب والأدباء المرشحين فى لجان المجلس الأعلى للثقافة، وردود الفعل الغاضبة تتواتر، فبعض من وجدوا أو فوجئوا بأسمائهم موجودة فى اللجان غضبوا، وتذمروا، وأعلنوا رفضهم القاطع لهذا الوجود المفاجئ دون علمهم واستئذانهم، وهذا حق لهم، والبعض الآخر احتج على إدراجه فى هذه اللجان، لأنهم لا يريدون أن يلوثوا أسماءهم بالمشاركة فى هذه اللجان التابعة للمؤسسة الرسمية الحكومية، وبعضهم أصدر بيانات، وبعضهم اكتفى بالإدلاء بتصريحات، وآخرون سخروا من فكرة التمثيل أساسا.

 

وعلى الجانب الآخر كان بعض من حرموا من دخول هذه اللجان يشنون حملة على وزارة الثقافة، وعلى وزير الثقافة شخصيا، لأن اللجان تجاوزتهم، واستبعدتهم من هذا «الشرف» المُدَّعى والمرموف، وهددوا برفع قضايا، وإنشاء كيانات بديلة تقوم بدور المجلس الأعلى للثقافة.

 

وأنا ـ مع التواضع الشديد ـ لا أدعى الحكمة، ولا القول الفصل، ولا الكلمة النهائية فى هذا الأمر، خاصة أن شخصى الضعيف الذى استبعدته أو نسيته هذه اللجان لعقود سالفة، أصابنى «الحظ» أخيرا، ووجدت نفسى مدرجا فى هذه القوائم، ورغم أننى لا أعير انتباها إلى هذه اللجان، إلا أننى وجدت من يهنئنى، ويقول لى: «ألف مبروك».. وهكذا.

 

وأزعم أن ردود الفعل التى توالت بعد الإعلان عن هذه النتائج، التى تشبه نتائج الثانوية العامة، لم يصبها التوفيق، والأجدى للمثقفين هو التركيز فى جوهر العمل الثقافى، وليس فى شكله، وليس فى لجانه وفوائده، ومن قال إن هذه اللجان كانت مفيدة بأى شكل من الأشكال على المستوى العام، عندما كانت مطمحا كبيرا فى ظل النظام الديكتاتورى الفاشى، الذى ما زالت ظلاله تحوم حول جميع المؤسسات، وآنذاك لم نعرف أحدا قاطع أو شجب أو ابتعد أو هاجم لانضمامه إلى هذه اللجان، وأظن أن هذه اللجان كانت قد ضمت فى إهابها شخصيات لها احترام وتقدير من طراز إبراهيم أصلان ومحمد بدوى وبهاء طاهر وسيد حجاب وأسامة الدناصورى وأحمد أبوزيد وعبلة الروينى وغيرهم، وربما لعب شكل إعلان النتائج دورا فى استنفار المثقفين، وردود الفعل المتعددة والمتناقضة، التى لا تجمعهم رؤية واحدة صحيحة حول العلاقة وربما يكون الظرف الذى تمر به هذه المؤسسة الثقافية الرسمية، وفى ظل حكومة ونظام مرفوضين، دفع البعض لرفض التمثيل، وهنا أستطيع أن أقول: «إن التمثيل ليس تشريعا، بل هو حق لنا جميعا، ونحن مكلفون بالتواجد، إلا إذا كان هذا الحق أو التواجد غير مجدٍ، وغير مثمر، فآثر البعض الابتعاد، والنأى، لأن هذه اللجان لن تضيف له شيئا على المستوى الشخصى، ولن يوجد أدنى مردود لهذا التمثيل سوى «وجع الدماغ»، خاصة أنه لم يعد لهذه اللجان أى بريق، مثلما كان فى السابق، عندما كان جابر عصفور بكاريزميته الثقافية الخاصة، أمينا عاما للمجلس الأعلى للثقافة، وكان الكثيرون يتهافتون على هذا التمثيل، وتدور الأيام ويصبح جابر عصفور مرفوضا، ومستبعدا، ومحاصرا، رغم أن الرجل هو نفسه، ولم تكشف هذه الأيام عن رجل آخر، ولم يقل إنه كان عضوا فى أحد تنظيمات الثورة، التى يزعم كثير من المثقفين أنهم أعضاء فيها، وأصبح وجود جابر عصفور فى أى مكان أو لجنة، سببا فى تجديد الهجوم عليه، وعلى هذا المكان، وأزعم أن هذه طريقة بدائية وساذجة فى النظر إلى الظواهر الثقافية، وقبل أن يُزايد أحد على شخصى، أرجو أن يراجع الجميع ما كتبته فى سالف الأيام مهاجما معظم قيادات وزارة الثقافة، وعلى رأسهم جابر عصفور ذاته، الذى أرى أنه أكثر قيمة من بعض الذين يهاجمونه الآن، وكانوا يحاولون التقرب منه بأى شكل من الأشكال.

 

فإذا كان الاحتجاج نابعا من وجود بعض الأسماء المستبعدة التى عملت تحت راية النظام السابق، هذه حجة واهية، لأن الجميع عملوا تحت راية النظام السابق، وكثيرون منهم حصلوا على جوائز بعد أن قدموا فيها، ونشروا أعمالهم فى هذه المؤسسة الحكومية فى ظل فاشية مطلقة، وأظن أننا مطالبون بالتواجد فى هذه المؤسسات، الآن أكثر من أى وقت مضى، ألم يزعم البعض بأنها مؤسساتنا، ونحن دافعو الضرائب، الذين أولى بالتواجد فيها وإدارتها، وإبطال فاعليات الانتهازيين الساكنين فيها، ولكن إذا كان المثقفون المحتجون والرافضون لهذا التمثيل، استطاعوا أن يشكلوا كيانا آخر، فلا يوجد مانع أبدا، وعليهم بالتالى أن يكونوا مستقلين بالمعنى الخاص للكلمة، ويشكلوا لجانهم الثورية، حتى «اتحاد الكتاب» البائس يكون فى خطة استبعادهم، وعلينا أن نصوغ ميثاقا لرصد وتحليل معضلة «علاقة المثقف بالسلطة» فى هذا التوقيت المربك والفاصل.

شعبان يوسف  كاتب صحفي
التعليقات