ربما جاء الوقت المناسب لتأسيس المجلس الأعلى للاستثمار الذى حضر الرئيس عبدالفتاح السيسى اجتماعه الأول ولكن بصراحة كثيرا ما عقدت المؤتمرات والاجتماعات الخاصة بالاستثمار على مدى السنوات ومع الحكومات المتعاقبة وكثيرا ما أطلقت الوعود ولكن القليل منها تم تطبيقه على أرض الواقع، فالبيروقراطية تتغلب على كثير من المبادئ الخاصة بالاستثمار وترهق المستثمر المصرى والعربى والأجنبى على حد سواء رغم احتياج بلادنا الشديد للمستثمرين والاستثمار وفى ظل منافسة عالمية من كل دول العالم لجذب الاستثمار نحوها وعلى سبيل المثال فى الأيام القليلة الماضية عقدت فرنسا مؤتمرا رئاسيا ضم صفوة الصفوة من المستثمرين الأجانب لجذب مزيد من الاستثمار لفرنسا، فالعالم يتحرك من حولنا لحل الأزمات الاقتصادية خاصة بعد جائحة كورونا والحرب الروسية ــ الأوكرانية التى تبدو أنها ستطول ونحن مازلنا مقيدين بالبيروقراطية وأهم من ذلك الذهنية البيروقراطية التى تسيطر علينا والتى تحتاج إلى هدم.
أكدت القرارات الـ 22 التى خرجت من المجلس الأعلى للاستثمار ووافق عليها المجلس، مدى حرص القيادة السياسية الحالية والحكومة عموما على توافر هذه البيئة المشجعة للاستثمار والمستثمرين. من بديهيات أى اقتصاد يرغب فى جذب الاستثمارات من الخارج ضرورة توافر عدة شروط، على رأسها توافر تشريعات واضحة المعالم وشفافة، فيما يتعلق بالضرائب، والتقاضى والتحكيم، وتحويل الأرباح إلى الخارج، والأهم من ذلك وضوح وسهولة الإجراءات الروتينية المكتبية، هذا ما يسمى بالبيئة الجاذبة للاستثمار، كم مرة سمعنا عن الشباك الواحد ولم يتم شىء.
وهنا بصدد إعادة التذكير بكل تلك القرارات، لكن تكفى الإشارة إلى الموافقة على تقديم حزمة متكاملة من الحوافز للمستثمرين فى شتى مجالات الاستثمار، كالزراعة والصناعة والطاقة والاتصالات والسياحة وغيرها، وأيضا تقديم وثيقة السياسات الضريبية الجديدة التى ستضمن تحقيق الاستقرار فى التشريعات الضريبية المصرية، يضاف إلى ذلك قرار بتوسيع اختصاص المحاكم الاقتصادية كى يثق المستثمر بأن أى نزاع معروض على القضاء سيجد الحل السريع، وقد عكست توجيهات الرئيس للحكومة بسرعة وضع القرارات حيز التنفيذ، مدى الجدية التامة والإصرار على جعل مصر مركزا إقليميا لجذب الاستثمارات. جذب الاستثمار هو جو عام يسيطر على المنظومة الاقتصادية للبلاد، فكفى روتينا ولنبدأ بجدية شديدة ودقيقة العمل على جذب الاستثمار لبلادنا حتى نخرج سالمين من المشكلات الاقتصادية الحالية.