رغم أننا نهنئ إخوتنا فى السودان الشقيق على التوصل إلى اتفاق بين المجلس العسكرى الانتقالى وقوى الحرية والتغيير إلا أننا نتخوف!! فبعض مفاوضات شاقة وصعبة تستلزم تدخل وسيطين أحدهما من مجلس الاتحاد الإفريقى والآخر من إثيوبيا، توصل الطرفان إلى اتفاق سياسى بشأن المرحلة الانتقالية التى من المقرر أن يمتد نحو ثلاث سنوات وهى موقعة بالأحرف الأولى أى مؤقتة واضعة مبادئ مرشدة وترتيبات للمرحلة الانتقالية القادمة. والتخوف يأتى بأنها من المرات القليلة فى التاريخ ــ وفى أى دولة ــ التى يشترك مجلس عسكرى والمدنيين لقيادة جماعية فترة انتقالية وتحديد المصير السياسى لشعب بأكمله خاصة أن الجيش السودانى ظل أكثر من ثلاثين عاما تحت حكم الرئيس البشير بتخبطاته وفساده والايديولوجيا التى كان يَدعى أنه يحكم بها، فهل المجلس العسكرى تخلص من كل ذلك فى ليلة وضحاها؟ فالتخلص من تلك الآفات يتطلب تغييرا ذهنيا وتغييرا فى التصرفات والإيمان بالديمقراطية والتعددية التى يتشوق لها الشعب السودانى الشقيق.
فالتوقيع بالأحرف الأولى ليس معناه أن كل المشاكل انتهت بل لتأسيس دولة من حالة «الأدولة» التى تركها البشير. يتطلب من المجلس العسكرى وقوى الحرية والتغيير على حد سواء أن تَخلُص نواياهما ولا يكون اتفاقا ينقلبان عليه بالدسائس والعمل على كسب الوقت أو المصالح المؤسسية الضيقة أو الأهواء الشخصية فهل للطرفين أن يرتقيان إلى تلبية طموحات الشعب السودانى الشقيق وحقه فى الأمن والأمان والاستقرار وتوفير الخدمات الأساسية والوعى بأن هناك من يتربص لتقسيم السودان لدويلات على أسس دينية أو إثنية تمهيدا للإجهاز عليها كما جرى أيام البشير ومحاولة تكرار السيناريو العراقى والسورى.
السياسة المتخبطة للبشير أضرت عدة مرات بالعلاقات مع مصر وذلك بالسماح تارة بتواجد ميليشيات وتدريبات لأنظمة إرهابية وتارة أخرى بالسماح بتهريب أسلحة لإرهابيين فى مصر وغيرها من خلال المرور بأرض السودان وتارة ثالثة لمشاكسة مصر على حدودها بادعاء أن حلايب وشلاتين هى أرض سودانية وسياسة الوجهين فى موضوع سد النهضة وفى الجعبة الكثير.
مصر هى الشقيقة الكبرى قد تحملت الكثير من أجل الحفاظ على علاقات بين الشعبين الشقيقين اللذين تربطهما علاقات دم ومصاهرة وعلاقات ماء حيث نشرب ونأكل ونزرع من نفس النيل مع وجود أكثر من خمسة ملايين سودانى فى مصر.
لذا مصر حكومة وشعبا مهتمين اهتماما غير عادى بأن يعم الاستقرار والأمن فى السودان الشقيق وتكون هذه الخبرة الجديدة بأن يحكم مجلس جماعى من مدنيين وعسكريين فاتحة أمل وطاقة نور للسودان الشقيق.