لم نعتد فى السياسة المصرية بشكل خاص والسياسة العربية بشكل عام أن يخرج علينا الرئيس ويتكلم بصراحة وشفافية كما فعل السيد الرئيس فى الأسبوعين الماضيين عندما أشرك الشعب، قائلا «إنه أمام قرارات صعبة لن يتردد فى اتخاذها» فنحن اعتدنا تجميل الواقع وتنميق الكلمات وجمال الخطابة وإخفاء السياسات والميزانيات كأنه من «العيب» مصارحة الشعب. رغم أن الصراحة هى أقصر الطرق للحقيقة.

والحقيقة كما قالها السيد الرئيس أن الإرهاب والفساد فى السنوات الماضية أدت إلى سلسلة من الأخطاء الجسيمة جعلت من اقتصاد مصر اقتصادا هشا والذى يتطلب من الرئيس والحكومة والشعب «قرارات صعبة» فى ظل أوضاع وسياسات دولية مضطربة فالأزمات الاقتصادية والسياسة فى كل مكان ولم تسلم أى قارة منها. ولأننا تأخرنا وتخلفنا لأكثر من ستين عاما أصبح علينا أن ننفذ القرارات الصعبة فى الدعم والإسكان والتعليم والصحة والعشوائيات والبطالة ومحو الأمية وتحقيق الحياة الآدمية لأكثر من 40% من شعبنا.
يجب علينا ألا نعيش أمجاد ماضى الستينيات ولكن علينا أولا أن نعيد ونستثمر فى الصناعة الوطنية كما فعلت دول كانت أكثر منا فقرا وتخلفا كالصين على سبيل المثال وألا يكون القطاع الخاص قطاعا متوحشا يركز على الاستهلاك بل يدخل معترك الصناعات الصعبة والمعقدة شريطة أن تشجعه الدولة على ذلك ولا يقع فى براثن القوانين البالية والإجراءات الروتينية وما إلى ذلك، كم مرة سمعنا عن سياسة «الشباك الواحد» وضرورة تطبيقه من أجل سرعة البت فى المشاريع وسمعنا كلاما جميلا ومنمقا ثم لم يتم شيئا. الروتين هو هو وبالتالى الفساد هو هو والقرارات الصعبة ستزيد صعوبة إلا لو عملنا بكل جدية فى إزالة كل العوائق الفاسدة والمفسدة من أجل مزيد من الاستثمار وتشجيع الشعب خاصة الشباب بالعمل الجدى وخاصة قبول الأعمال الشاقة من أجل بناء بلادنا.
يا ليت هذه الصراحة الصعبة الرئاسية تكون السياسة العامة للدولة ويحظو كل وزير مسئول فى موقعه حظو الرئيس فإذا كانت الحقيقة مؤلمة فإخفائها من قبل المسئولين مؤلمة أكثر لأن الشعب هو الذى يتحمل تبعات القرارات الصعبة فالأجدر أن يشعر بالمشاركة ليشارك بعمله وعرقه فى الحلول.