قرأت للأستاذ سمير مرقص مقالا ( المصرى اليوم بتاريخ 10/8/2016 ) يشير فيه إلى أن مشروع القانون المقترح بشأن تنظيم بناء وترميم الكنائس يستخدم كلمة «الطائفة» ويعرفها بأنها «الطائفة الدينية التى تعترف لها الدولة بشخصية اعتبارية»، ويتساءل الكاتب: هل يستقيم استخدام تعبير الطائفة، وهو من المفردات التى تعود إلى العهد العثمانى، فى دولة تناضل من أجل المواطنة، ولم يطرح الأستاذ مرقص بديلا عن تعبير «الطائفة القبطية» سوى أنه اقترح أن يستخدم مشروع القانون عبارة «الممثل القانونى للكنيسة الأرثوذكسية مثلا» بدلا من الممثل القانونى للطائفة.
***
لا أدرى لماذا أحجم الأستاذ سمير مرقص عن استخدام لفظ «الأقلية القبطية»، ولكن الذى أعلمه أنه عندنا فى مصر هناك خلط فى العقل الجماعى المصرى بين كلمتى الأقلية والجالية، لذلك نجد من يتصدى لنفى صفة الأقلية عن الأقباط ونلحظ ذلك فى الخطاب الرسمى أو الإعلامى وكأن وصفهم بالأقلية يضعهم فى وضع غير لائق، فنجد مثلا من يقول إنهم يشكلون جزءا من النسيج الوطنى فى البلاد وليسوا أقلية بأى حال من الأحوال.
وقد سبق أن كتبت مقالا خاطبت فيه الأقباط قائلا: «خدعوكم فقالوا لستم أقلية».
وقد أشرت فى ذلك المقال إلى أن وضع الأقلية أصبح تعبيرا قانونيا دوليا محددا يرتب حقوقا والتزامات قانونية دولية ولا ينتقص بأية حال من حقوق المواطنة بل يؤكدها ويثبتها ويضع ضمانات عدم المساس بها، فالإعلان العالمى لحقوق الأقليات الصادر بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 135/47 فى ديسمبر 1992 والذى أكدته القمة العالمية التى عقدت عام 2005 يتضمن تفصيلا لهذه الحقوق ويرتب مسئولية على الدولة وعلى المجتمع لصيانتها.
وسواء أكانت الأقلية دينية أو عرقية أو لغوية أو ثقافية.. فلفظ الأقلية لا ينتقص بأى حال من كرامة أو حقوق المنتمين إليها بل العكس هو الصحيح.. ولا يحمل أية معانى مشينة أو مسيئة فهو لا يعنى إلا المعنى الواضح للكلمة.. وهو أنهم الأقل عددا.. إلا أنه يرتب لهم حقوقا على الدولة وعلى المجتمع.. تم تأكيدها بوثائق دولية من أهمها الإعلان العالمى لحقوق الأقليات الذى يقرر» أن احترام حقوقهم والمساواة التامة مع مواطنيهم هو الدعامة الحقيقية للاستقرار السياسى والاجتماعى.. ويطالب الدول باتخاذ جميع الإجراءات التشريعية والإدارية لتحقيق هذا الهدف.
***
إن معظم الأقليات فى العالم هم من سكان البلاد الأصليين مثل الأقباط فى مصر أو المسلمين فى الهند، وهناك الأقليات اللغوية مثل الأقلية الفرانكفونية فى كندا ( إقليم كيوبك ) ومثل الأقلية الأنجلوفونية داخل إقليم كيوبك، وكثيرا ما تكون الأقلية اللغوية هى أقلية عرقية فى نفس الوقت مثل الكاتلان والباسك فى إسبانيا، ومثل الأقلية الملاوية فى جنوب تايلاند، وأقلية الإيجور التركمانية فى الصين وأيضا مثل الأيرلنديين وسكان ويلز فى المملكة المتحدة والأكراد فى تركيا وهى ظاهرة موجودة فى 193 دولة ولا تكاد دولة واحدة تخلو من وجود مثل هذه الأقليات.
ولما كانت مصر من الدول الموقعة على الإعلان العالمى لحقوق الأقليات ولما كان لفظ (الأقلية) قد استقر فى العرف الدولى والمواثيق المكتوبة وأصبح يحمل معنى قانونيا محددا، ولما كانت جميع الدساتير المصرية تعتبر الاتفاقات الدولية التى تصبح مصر طرفا فيها، تعتبر من القوانين السارية فى البلاد بمجرد التصديق عليها ونشرها فى الجريدة الرسمية دون الحاجة إلى إصدار استصدار قانون بشأنها..
لذا فإننى اقترح استخدام لفظ الأقلية كبديل للفظ الطائفة فى مشروع القانون الجديد، والتوقف عن الجدل الذى يثار من حين لآخر حول لفظ الأقلية.