الانقسامات التى تمر بها السياسات الداخلية والخارجية للولايات المتحدة الامريكية بدءا بالأزمات القانونية ومرورا بالاقتصادية فالاجتماعية تجعل أصدقاءها خاصة العرب فى وضع ترقب بينما الوضع يؤثر على قدرة واشنطن على إدارة سياستها الخارجية بسبب التردد والانقسام السياسى الداخلى الحاد الذى ينعكس على المسائل الخارجية، بما فيها طريقة الانسحاب المخزى من أفغانستان، ومحاولة العودة إلى الاتفاق النووى مع إيران، وطريقة معالجة الحرب فى أوكرانيا، وعدم إيقاف الضغط الصينى على تايوان، واستمرار إطلاق الصواريخ الباليستية من كوريا الشمالية والفشل فى كبح جماح الإنفلات الإيرانى فى المنطقة، الأزمات الداخلية لا تساعد كثيرا فى إيجاد وحدة صف داخلية من ضمن ثنائية الحزبين لتدعم الإدارة فى تنفيذ سياساتها الخارجية، فكلما تعمق الشرخ الداخلى كالحاصل بين بايدن وترامب، صعبت الملفات الخارجية، إضافة إلى ذلك الأزمات الاجتماعية التى تزيد من قُطر الهوة إذ المجتمع منقسم نصفين بسبب مواضيع مثل الإجهاض فمنهم ــ بما فيهم بايدن وإدارته ــ من هو مع الإجهاض ومنهم من هو مع «الحق فى الحياة». ناهيك عن أزمة بيع السلاح للصبية واستخدامه للقتل كما جرى عدة مرات فقط فى هذه السنة الأخيرة كما أن التداعيات الاقتصادية للحرب الروسية ــ الأوكرانية أصبحت عامل ضغط على الشعب الامريكى.
تحتاج الكتل التشريعية فى الكونجرس إلى توقيع الحزب الآخر لتجعل من مشاريع قوانينها تشريعات صلبة أمام الكونجرس، والوضع قد يزداد تعقيدا إذا سيطر الجمهوريون على الكونجرس أو أحد مجلسيه فى انتخابات التجديد النصفى فى نوفمبر القادم. لأن حلفاء ترامب قد يسيطرون على الكتلة الجمهورية داخل الكونجرس، وسيتمكنون من شل التعاون التشريعى مع البيت الأبيض مما سُيعَقد عمل السياسة الخارجية أكثر. وفى ظل هذا الواقع كيف ستتحرك الدول خارجيا وبخاصة فى الشرق الأوسط؟
أجادت الحكومات الإسرائيلية المتتالية عبر العقود التعامل مع واشنطن، على الرغم من المشاكسات مع بعض الإدارات وعلى سبيل المثال رفض إسرائيل للاتفاق النووى مع إيران. فخلال كل تلك المراحل المتأزمة تمكنت الحكومات الإسرائيلية من التركيز على أهداف الأمن القومى لديها على الرغم من الانقسامات داخل واشنطن، وتحاول إسرائيل جاهدة أن تحافظ على مكاسبها، من نقل ترامب السفارة الأمريكية إلى القدس، إلى توقيع «معاهدات أبراهام»، إلى التسليح الضخم الذى حصلت عليه من الحزبين الأمريكيين، فهى دولة واحدة وليست تكتلا من الدول، ولها «لوبى» واحد قوى ومؤثر وليس «لوبيات» بمطالب مختلفة.