هكذا صار حزب الله هو التهديد الرئيسي والأخطر لإسرائيل - من الصحافة الإسرائيلية - بوابة الشروق
الأحد 22 ديسمبر 2024 3:21 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

هكذا صار حزب الله هو التهديد الرئيسي والأخطر لإسرائيل

نشر فى : الجمعة 21 يونيو 2024 - 7:20 م | آخر تحديث : الجمعة 21 يونيو 2024 - 7:20 م

على مدى الأشهر الماضية، خصوصًا منذ الهجوم الإيرانى على إسرائيل فى أبريل، تحولت الحرب من حدث فلسطينى إسرائيلى شديد العنف، بل أيضًا مصيرى، إلى حرب إقليمية كاملة، ستصبح نتائجها شديدة الأهمية من ناحية استراتيجية أمنية، ووجودية أيضًا بالنسبة إلى إسرائيل وشعبها.

وعلاوة على ذلك، صار حزب الله، الذى يشكّل رأس الحربة الإيرانية، مؤخرًا التهديد الرئيسى الذى يتعين على إسرائيل إزالته بصورة عاجلة، ليس فقط لأنه تمكّن من إخلاء منطقة شمال الجليل من سكانها، وزرع الدمار والحرائق فى تلك المنطقة، بل أيضًا لأنه يحتجز الآن نحو 50 ألف رهينة إسرائيلية غير قادرة على العودة إلى منزلها ما دام لم يسمح نصر الله أو خامنئى لهم بذلك.

بينما الجيش الإسرائيلى بات قريبا من تركيع قوة «حماس» العسكرية، وتقويض قدراتها المدنية بصورة كبيرة، عبر اجتياح القطاع، إلى جانب نجاحه فى الضفة الغربية بواسطة النشاط العنيف فى الحؤول دون اندلاع انتفاضة، فإن الجيش يخفق فى الجبهة الشمالية تقريبًا فى تحقيق أى هدف استراتيجى مهم. وبالعكس من توقعات الجيش، فإن مظاهر الدمار والخراب فى القطاع لا تفلح فى ردع التنظيم اللبنانى ولا رعاته الإيرانيين. إن المغزى الاستراتيجى واضح هنا: إن لم تحسم إسرائيل المواجهة فى الشمال بصورة واضحة تعيد قوة الردع، ليس فقط تجاه حزب الله، بل أيضًا تجاه إيران، فمن شأننا أن نكون خلال أعوام معدودة فى مواجهة هجمات متكررة تهدف إلى استنزاف إسرائيل عسكريًا، ونفسيًا، ودفْعها إلى الانهيار من الداخل.

وهذا التوجُه سيصبح أشد حينما تملك إيران بعد وقت ليس ببعيد سلاحًا نوويًا أو قدرة على إنتاج سلاح كهذا خلال أسابيع معدودة. خلاصة القول هى أن على إسرائيل أن تغير أهداف الحرب؛ فتركيع حركة حماس عسكريًا وتحرير الرهائن لن يكونا كافيَين، فقد صارت الجبهة الشمالية فى هذه اللحظة هى المهمة، ولن يكون كافيًا أن نعيد الوضع إلى سابق عهده هناك، ونصلى من أجل أن تصدأ صواريخ حزب الله وطائراته المسيّرة مع مرور الوقت.

لن يكون توقيع معاهدة كافيًا

إن الحالة التى شكّلها حزب الله على مدى الأشهر الماضية فى الشمال تتطلب أيضًا إحداث تغيير جوهرى فى ترتيب الأولويات الأمنية وأهداف الحرب، فإبعاد الحزب عن الحدود إلى مسافة عشرة كيلومترات، أو حتى أكثر من ذلك، فى ظل عدم ارتداع حزب الله أو إيران، لن يغير شيئًا على صعيد التهديد الاستراتيجى فى جنوب لبنان. كما أن التوقيع على معاهدة محلية فى جنوب لبنان، حتى لو فرضها الجيش الإسرائيلى بصرامة على الحزب، وحتى لو قام الجيش بإقامة منظومة دفاعية هائلة على الحدود الشمالية، فإن هذا كله لن يزيل التهديد الحقيقى المتمثل فى حرب شاملة، ولن ينقذنا من ترسانة الصواريخ والمسيّرات الهائلة التى يملكها كل من الحزب وإيران.

كيف سيبدو تحقيق نصر استراتيجى فى حرب إقليمية؟

أولًا: إعادة الرهائن إلى إسرائيل، سواء بواسطة صفقة أم بواسطة اجتياح برّى هائل وسريع إلى المناطق الرئيسية فى القطاع، بما يحقق ضربة خطِرة إضافية لمقدرات حركة حماس العسكرية ومنظومة أنفاقها، ويشكل ورقة ضغط على السنوار.

ثانيًا: هناك حاجة إلى تنفيذ خطوة أخرى فى قطاع غزة، تتمثل فى تدمير الأنفاق التى لا تزال تحت محور فيلاديلفيا، والتوصل إلى اتفاق مع مصر يضمن إغلاق المنطقة الحدودية، وتشغيل معبر رفح.

ثالثًا: وهو ما يجب تنفيذه فى قطاع غزة، إمّا بعد تنفيذ صفقة تبادُل الأسرى وإمّا خلالها، أو بدلا من ذلك، عبر مناورة عسكرية هائلة وسريعة إضافية فى القطاع، تتمثل فى التوصل إلى تسوية لإدارة شئون القطاع المدنية، باستخدام المساعدات الأمريكية، وبمعونة الأمم المتحدة والدول العربية المعتدلة، وبمشاركة قوة سلام دولية.

على الحدود الشمالية: إذا قدّر الجيش الإسرائيلى والمنظومة الأمنية أنه يمكن، خلال وقت غير طويل، هزيمة حزب الله بواسطة هجوم شامل، جوى وبرى على جميع أراضى لبنان، فينبغى القيام بذلك الآن، حتى لو اضطرت الجبهة الداخلية الإسرائيلية إلى تلقّى رشقات ثقيلة وهائلة من الصواريخ والمسيّرات على مدى بضعة أسابيع، ولا يُفضّل أن يحدث هذا بعد عامين أو ثلاثة، حين يصبح لدى حزب الله عدد أكبر من الصواريخ الدقيقة الإصابة، ولدى إيران ربما سلاح نووى، وهو ما يضطر سكان الشمال مجددًا إلى الهجرة بعد أن يكدّوا فى بناء ما هدمته الحرب الراهنة.

وإذا توصّل الجيش والمنظومة الأمنية إلى استنتاج فحواه أن إسرائيل لن تكون قادرة على تقليص تهديد الصواريخ والمسيّرات التابعة لحزب الله، والصمود فى وجه هجوم إيرانى إضافى، فمن المفضل الوصول الآن إلى اتفاقية حدودية مشابهة للقرار رقم 1701 الصادر عن مجلس الأمن، الذى أنهى حرب لبنان الثانية، كما يتوجب علينا تزويد الجيش بما يكفى من ذخائر وأسلحة بصورة تتيح له مواجهة التهديد من جانب إيران وحزب الله بنجاح وخلال وقت قصير، وهو هجوم قد يحدث فى غضون سنوات قليلة.

ينبغى أيضًا أن نضع فى حسباننا اعتبارًا آخر؛ وهو التنسيق مع الجانب الأمريكى، إذ من غير المقبول أن تدخل إسرائيل حربًا شاملة فى الشمال من دون ضمان المساعدات الأمريكية من جميع الأصناف إليها، ولا أتحدث هنا فقط عن مساعدة سياسية ولوجستية، بل أيضًا مساعدة فى اعتراض رشقات الصواريخ والمسيّرات التى ستوجَّه إلينا من إيران والأراضى اللبنانية. وعلينا أن نتذكر أيضًا أن حربا شاملة للقضاء على تهديد حزب الله ستستوجب اجتياحًا عميقًا للأراضى اللبنانية، إلا أن هذا الاجتياح ينبغى أن يكون إبداعيًا، وماكرًا، وجريئًا، بصورة تضرب النقاط الأكثر حساسية لدى حزب الله والمحور الشيعى الراديكالى. ومن ينصحون بضرب شبكات الكهرباء، والماء، والمواصلات فى لبنان، يفوّتون الأهداف الحقيقية، التى من المفضل عدم التحدث عنها الآن. علينا أن نتذكر أن لبنان هو بلد فاشل أصلًا، تتوفر فيه الكهرباء عبر مولدات منزلية، وجميع بناه التحتية أصلًا مدمرة أو آيلة إلى السقوط.

ينبغى ألاّ توجَه الضربة إلى لبنان كدولة، فهذه الدولة فى حالتها الراهنة أقرب إلى العصر الحجرى أصلًا، إنما يجب توجيه الضربة إلى ما سيؤلم نصر الله والإيرانيين، ويدفعهم على الأقل إلى تأجيل (إن لم يكن إلغاء) نياتهم بإبادة إسرائيل بواسطة حرب استنزاف متواصلة. علينا احتضان الولايات المتحدة هناك هدف آخر ينبغى تحقيقه، وهو دمج إسرائيل فى إطار تحالف ونظام دفاعى إقليمى سنى موالٍ للغرب، مع دمج الولايات المتحدة فيه، وهو ما سيشكل ثقلا موازنا لتهديد محور المقاومة الإيرانى.

إن تطبيع العلاقات مع السعودية هو أمر مرغوب فيه، لكنه ليس ضروريًا لأمننا الوجودى، إلاّ إن دمج إسرائيل فى منظومة دفاعية إقليمية تقودها الولايات المتحدة فى مواجهة منظومات المحور الشيعى الراديكالى الذى تقوده إيران هو ضرورة أمنية. إن تحقيق هذه الإنجازات يتطلب اتفاقًا وتنسيقًا مسبقًا مع الولايات المتحدة، وينبغى لنا هنا أن نقول بوضوح ومن دون تردد أن إسرائيل لن تتمكن من تحقيق نصر، ولو جزئى، فى الحرب الإقليمية الاستراتيجية، التى نعيش الآن ذروتها، من دون شراكة وتدخل نشيط من جانب الولايات المتحدة. وإن رئيس الحكومة، الذى سينطلق عما قريب لكى يلقى خطابًا أمام كل من مجلس النواب ومجلس الشيوخ الأميركيَين، عليه أن يضع نصْب عينيه تجديد التحالف الوثيق بيننا وبين صديقتنا الواقعة خلف المحيط، وأن يضع أدق تفاصيلها على رأس سلّم أولوياته. إن خطاب نتنياهو فى الكونجرس مهم، لكن الأهم هو التوصل إلى تفاهمات واضحة وملزمة مع الأمريكيين بشأن استمرار إدارة الحرب، حتى لو تطلّب الأمر من جانب إسرائيل تنازلات مؤلمة تعرّض سلامة الائتلاف الحكومى الذى يقوده نتنياهو الآن للخطر، ومن المقبول افتراض أن المعارضة ستوفر لنتنياهو شبكة أمان فيما لو توصل إلى تفاهمات فى واشنطن، تتيح لنا تحقيق نصر استراتيجى فى هذه الحرب.

رون بن يشاى

يديعوت أحرونوت مؤسسة الدراسات الفلسطينية

التعليقات