لا أمل للفقراء - صحافة عربية - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 9:45 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

لا أمل للفقراء

نشر فى : السبت 22 أبريل 2023 - 7:25 م | آخر تحديث : السبت 22 أبريل 2023 - 7:25 م
نشرت صحيفة الشرق الأوسط اللندنية مقالا للكاتبة آمال مدللى، تناولت فيه ما جرى فى اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولى والبنك الدولى الأسبوع الماضى من خلافات وتنافر حول الأسباب التى أدت إلى هذا الوضع للاقتصاد العالمى؛ مؤكدة أن حل تلك الأزمة يتطلب وحدة المجتمع الدولى لأن المواجهة بين الولايات المتحدة والصين يدفع ثمنها الفقراء فقط... نعرض من المقال ما يلى:

إذا كان من عنوان يصف الرسالة التى يخرج بها متابع اجتماعات الربيع الأسبوع الماضى لصندوق النقد الدولى والبنك الدولى هذا أفضل وصف.

هذه الصورة غير المشرقة، خصوصا للدول الفقيرة والنامية، هى حصيلة إجماع قادة المؤسسات المالية العالمية والخبراء الماليين من حول العالم. الاجتماعات هذه السنة تأتى فى وقت عصيب لاقتصاد عالمى مشكوك فى صحته، ويعانى من مشكلة تضخم كبيرة، وارتفاع فى الفائدة لم تره الأسواق منذ زمن، وأزمة ديون خانقة تعانى منها الدول الفقيرة والنامية، ونمو منخفض، وأزمة تغير مناخ تزيد الدول الفقيرة فقرا، وبوادر ركود اقتصادى أمريكى يؤثر إذا حدث على النظام المالى العالمى بأسره، وتفكك فى الروابط التى كانت تربط العالم ببعضه وتراجع العولمة. وفوق كل هذا هناك التوتر الجيوسياسى بين الصين والولايات المتحدة، وحرب أوكرانيا التى تهدد الأمن العالمى وخصوصا الغذاء للملايين حول العالم. وسط هذه العاصفة من الأزمات أتى قادة العالم فى قطاع الاقتصاد والمال إلى واشنطن يبحثون عن ربيع مفقود. صندوق النقد نقل الصورة «غير المشرقة» متوقعا ألا يتعدى النمو العالمى الـ3 فى المائة فى السنوات الخمس المقبلة ومخفضا توقع النمو إلى 2.8 فى المائة. وحذر أحد كبار المسئولين فى الصندوق من أزمة حادة فى النظام المالى العالمى. المديرة التنفيذية لصندوق النقد كريستينا جورجيفا، قالت: «هذا يعنى لا أمل أن نلبى طموحات الفقراء حول العالم».

• • •

وظهرت خلال الاجتماع خلافات وتنافر فى المواقف حول الأسباب التى أدت إلى هذا الوضع للاقتصاد العالمى، وما إذا كانت المؤسسات المالية العالمية التى نشأت بعد الحرب العالمية الثانية ما زالت مناسبة لحل مشاكل النظام الاقتصادى المعاصر، وما إذا كان هناك التزام كافٍ من الدول الغنية لمساعدة الدول الفقيرة. الخلاف الثانى كان حول أزمة الديون وكيفية حلها. هذا كله يجرى بينما هذه المؤسسات الدولية جميعها تعمل وسط صراع أمريكى ــ صينى يؤثر على فعاليتها.

فبينما أعطت وزيرة الخزانة الأمريكية صورة متفائلة للاقتصاد الأمريكى وقالت إنها لا تتوقع تراجعا فى الاقتصاد، كانت هناك وجهات نظر مغايرة. فقد وجد استفتاء لـ«بلومبرج» للاقتصاديين أن 65 فى المائة منهم يتوقعون إمكانية الركود الاقتصادى فى الولايات المتحدة. وزير الخزانة الأمريكى السابق لارى سامرز وضع إمكانية الركود بنسبة 70 فى المائة. ويتوقع الخبراء الماليون أن ترفع الولايات المتحدة الفائدة فى مايو المقبل، مما يعنى أن «حنفية الإدانة ستقفل»، كما قال اقتصادى فى وكالة مودى.

وكان هناك اختلاف فى الآراء حول تأثير خطوة الاحتياطى المركزى برفع الفائدة على الوضع الذى يواجهه النظام المالى اليوم. الخبير الاقتصادى محمد العريان، قال فى مقابلة مع رئيس البنك الدولى ديفيد مالباس، إن أمريكا هى «قلب النظام المالى العالمى، وإن الاحتياطى المركزى الأمريكى جعل هذا القلب غير مستقر بموقفه وخطواته للجم التضخم، لأنه خلال 2021 اعتبر التضخم عابرا ولم يفعل شيئا للجمه. والعالم اقتنع بأنه عابر. وحتى عندما اقتنع الاحتياطى بأن التضخم غير عابر لم يفعل شيئا. ثم فجأة رفع سعر الفائدة بسرعة وبنسبة عالية»، وهذا أدى إلى ما شبهه باصطدام سيارة كانت تسير بسرعة عالية وسط الضباب وتوقفت فجأة. وقال إنه إذا «لم تقد الولايات المتحدة قلب النظام المالى بمسئولية فإن الأطراف تصبح غير مستقرة».

صندوق النقد الدولى أيضا فى تقريره حول الاستقرار المالى العالمى ربط بين خطوة المركزى الأمريكى وانهيار بنك سيليكون فالى وبنك سيجنتشر. شرح مسئول فى الصندوق أن رفع سعر الفائدة كشف نقاط الضعف. ولكن رئيس البنك المركزى فى نيويورك نفى أن تكون هناك علاقة بين رفع سعر الفائدة والذى حدث.
مشكلة الديون أخذت حيزا هاما من النقاشات، لتأثيرها على فرص التنمية، وازدياد الفقر والجوع فى العالم النامى وعلى الاقتصاد العالمى ككل. نائبة الأمين العام للأمم المتحدة أمينة محمد قالت إن «52 بلدا ناميا، حيث يعيش نصف سكان العالم الفقراء جدا، يعانون من مشاكل دين حادة. 25 من هذه الدول تدفع 20 فى المائة من دخلها العام على خدمة الدين فقط».

• • •

الواقع أن التوتر الأمريكى الصينى وحرب أوكرانيا التى تستنزف المجتمع الدولى وتؤثر على فعالية المؤسسات الدولية، يعرقلان التوصل إلى حل. لقد كان هناك تذمر من الكيل بمكيالين خصوصا من قبل الدول النامية التى ترى أنه لا تتم الاستجابة إلى احتياجاتها بينما تتدفق المساعدات على أوكرانيا بمليارات الدولارات وبسرعة لم يعهدها العالم النامى عند التعامل مع أزماته.

وكانت أطلقت مبادرات لحل مشكلة ديون الدول الفقيرة أهمها مبادرة المملكة السعودية عندما ترأست قمة العشرين فى 2020 وأطلقت «الإطار المشترك» لمساعدة الدول الفقيرة ودول الجنوب على الحصول على تمويل لمعالجة أزمة ديونها، إضافة إلى دعم قدرة المؤسسات الدولية لمساعدة الدول الفقيرة.

ولكن الصين، التى أصبحت أكبر دائن للدول النامية، هى خارج نادى باريس، وترفض محو الديون. ويتهم الغرب الصين بأنها تخلق نظام تمويل للتنمية موازيا للنظام الحالى ولكنهم يقولون إن أسلوبها فى الإدانة غير شفاف، ويكبل الدول النامية بالديون. الصين ترى أن الغرب يريدها دفع كل تكلفة الدين، بينما الغرب لا يريد إعادة هيكلة الديون لكى لا تذهب الأموال للصين.

لذلك وللخروج من عنق زجاجة الدين عقدت طاولة مستديرة حضرتها لأول مرة الصين وجميع الأطراف من الدائنين فى القطاعين العام والخاص والمدينين لمحاولة إيجاد حل. كانت هناك تقارير عن بارقة أمل بالتوصل إلى حل عبر خلق آلية تحاور والاتفاق على حل مع قول البعض إن الصين قدمت تنازلات ولكن لا توجد تفاصيل بعد عن مضمون التقدم.

كان واضحا التباعد بين الصين والولايات المتحدة وحلفائهما خلال الاجتماعات. لكن النظام المالى العالمى المأزوم ومشاكل العالم لا يمكن لطرف وحده حلها. إن وحدة المجتمع الدولى هى الطريق الوحيدة للحل لأن المواجهة يدفع ثمنها الفقراء فقط.

صحيفة الشرق الأوسط ــ لندن
التعليقات