مسئولية الحكومة وليس الشعب - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 9:58 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مسئولية الحكومة وليس الشعب

نشر فى : الجمعة 22 يونيو 2018 - 9:20 م | آخر تحديث : الجمعة 22 يونيو 2018 - 9:20 م

وجهة نظر الحكومة بشأن رفع أسعار الوقود والكهرباء والمياه والمترو، لم تصل لغالبية المواطنين بصورة واضحة. أقول هذا الحكم نتيجة معايشة لقطاعات كثيرة من أول بعض أصدقائى وأقاربى، نهاية بعينات عشوائية ألتقيها يوميا من أول سائق التاكسى إلى بائع الخضار والفاكهة، مرورا بمواطنين يستوقفوننى فى الشارع بصورة شبه يومية.
غالبية هؤلاء ليسوا إخوانا أو اشتراكيين ثوريين، بل كانوا من خصوم الإخوان ومؤيدى 30 يونيو والرئيس عبدالفتاح السيسى، وبالتالى فإن موقفهم ليس مسبقا أو معارضة من أجل المعارضة، بل يرجع لشعور يرونه منطقيا.
أتفهم إلى حد كبير موقف الحكومة من عملية الإصلاح الاقتصادى، التى تأخرنا كثيرا فيها، ودفعنا لذلك ثمنا باهظا.. لكن المهم أن يتفهم المواطنون أو غالبيتهم على الأقل، حتى يتحملوا الأمر صابرين وليس مجبرين. السؤال هو: لماذا لا تستطيع الحكومة بكل أجهزتها ومؤسساتها إقناع المواطنين بحتمية الإصلاح الاقتصادى، وأنه سيكون فى النهاية فى مصلحتهم؟!
الأسباب لذلك متعددة، ومنها مثلا أن أى مواطن لا يحب أن يتحمل أعباء إضافية، خصوصا أنه لا يملك ما يكفى، حتى لو اقتنع بجدوى الإصلاح وضروراته.
السبب الثانى والجوهرى هو أن لدى غالبية المواطنين يقينا لا يتزعزع بأنهم لا ينبغى عليهم أن يتحملوا مسئولية عملية الإصلاح. والسبب الثالث هو اعتقادهم بوجود حالة كبيرة من الفساد فى الكثير من المؤسسات، هى المسئولة عن المشكلة الاقتصادية، وبالتالى فعلى الحكومة أن تتقشف أولا وتتخلص من الفساد، قبل أن تطالبهم بالتقشف.
والسبب الرابع: أن غالبية المواطنين لم تعد تصدق منطق ما تقوله وسائل اعلام كثيرة، حتى لو كان صحيحا. هم يعتقدون أن معظم هذه الصحف تردد فقط ما ترغبه الحكومة.
السبب الخامس: أن الحكومة لم تعثر حتى الان على مدخل صحيح ولغة بسيطة، تستطيع بها أن تقنع المواطنين بضرورة عملية الإصلاح الاقتصادى.
مرة أخرى أوضاع الاقتصاد المصرى المتعثرة منذ سنوات، تتطلب علاجا جذريا، سيؤدى بالضرورة إلى آلام مبرحة يشعر بها الفقراء أكثر، لكن الدور المحورى للحكومة أن تتمكن من إقناع الشعب بذلك، وإذا فشلت فى ذلك، فالعيب ليس على الشعب، بل عليها.
وبدلا من تبادل الاتهامات ومن هو الملوم ومن هو على صواب، يفترض أن تنشغل الحكومة، بمحاولة البحث عن وسائل لكى تصل بها إلى الشعب، وتقنعهم بما تحاول أن تفعله.
فى ظنى أن الحكومة نجحت جزئيا فى هذا الأمر، حينما بدأت فى اتخاذ حزمة الحماية الاجتماعية، وقررت زيادة المرتبات، والمعاشات، إضافة لإجراءات أخرى متوقعة.
لكن تأثير هذا الإجراء، لن يكون قادرا على وقف معاناة الطبقات الفقيرة وغالبية الطبقة الوسطى بالكامل، وبالتالى فالمطلوب من الحكومة أن تحاول الوصول إلى عقول وقلوب الناس وإلا فإن الثمن سيكون صعبا، خصوصا فيما يتعلق بالثقة المتبادلة بينهم وبين الحكومة.
استعادة الثقة، لا تكون فقط بالقدرة على إقناع الناس بحقيقة الأوضاع الصعبة، وضرورة التحمل حتى نمر من هذه المرحلة الصعبة، لكن الأهم أن يشعر المواطنون بأن الحكومة جادة فى عملية الإصلاح، وهذا الشعور لن يتحقق إلا حينما يرون تغيرا فعليا على الأرض.
الثغرة الكبرى التى تنسف الكثير مما تقوله الحكومة، هو الفساد الكبير فى المحليات، والتزايد المرعب فى تجارة المخدرات والسلاح والآثار، الأمر الذى يجعل قلة تملك الكثير، وكثرة لا تجد شيئا.
مرة أخرى على الحكومة وأجهزتها ان تنشغل بالبحث عن سياسات وافكار ومداخل مبتكرة، تجعل غالبية المواطنين يتحملون صابرين، تناول الدواء المر لعملية الاصلاح الاقتصادى. لان البديل هو مشاعر من الغضب المكبوت يتزايد داخل الصدور، انتظارا للحظة تنفيس، او انفجار لا قدر الله.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي