هل تعرفون ما هى أكثر الأخطار التى تهدد الثورة، وتهدد معها مستقبل مصر بأسره؟!.
سيقول البعض إنه البلطجة وفلول الحزب الوطنى وكل بقايا نظام مبارك وغياب الأمن، وسيعتقد البعض أنه أمريكا وإسرائيل وبعض حكومات الخليج، وسيظن فريق ثالث أنه التيار الدينى، وسيعتبر فريق رابع أنه توقف عجلة الإنتاج وهروب المستثمرين، فيما يرى فريق خامس أنه الفقر، وقد يفكر فريق سادس أنه ضعف الحكومة وتردد المجلس العسكرى فى اتخاذ القرار، فيما قد يعتبر فريق أخير أن كل العوامل السابقة مجتمعة هى أخطار تهدد الثورة.
ومع كل التقدير للعوامل السابقة وخطورتها إلا أن هناك عاملا أخطر بدأ يبزغ ويتزايد، هذا العامل اسمه «الزنانون» الذين «يزنون» فى أذن المجلس العسكرى ويطالبونه بالبقاء وتمديد الفترة الانتقالية لعام أو عامين أو حتى إلى الأبد.
هؤلاء «الزنانون» هم ــ للأسف ــ تيار آخذ فى التزايد ويكتسب كل يوم أرض جديدة.
هم ليسوا جسدا واحدا، بل أعضاء متناثرون وأحيانا متنافرون، لكن عملهم يصب فى النهاية فى إناء واحد.
الذين حضروا لقاء رؤساء وممثلى الأحزب مع الفريق سامى عنان يوم الأحد الماضى يعرفون بالضبط ماذا أقصد. فى هذا الاجتماع كان هناك قطاع من الحاضرين «يزن» بشدة، وينافق بجسارة يحسد عليها، ولا يستحى أن الجميع يراه.
وانطلاقا من المثل القاتل بأن «الزن على الودان أشد من السحر» فإن هؤلاء الزنانين لا يكلون ولا يملون، وظيفتهم الرئيسية الآن هى بذل أكبر جهد ممكن لاقناع المجلس العسكرى بالبقاء فى الحكم وعدم المغادرة الى الثكنات، والأسباب التى يطرحونها لا تعد ولا تحصى، بل إن بعضها منطقى، وإذا طرحتها على قطاعات كثيرة من الشعب فسوف يتعاطفون معها، بل قد يذهب بعضهم للتظاهر أمام المجلس العسكرى لاقناع أعضائه بالبقاء.
السر الرئيسى لعلو صوت فريق الزنانين هو ظهور أحزاب كثيرة رسمية حصلت على رخصتها مؤخرا، وصار رموز هذا الفريق، يظهرون فى الفضائيات كثيرا، ويقدمون كل «كوكتيل المخاوف» من أول البلطجة وغياب الأمن نهاية بخطر السلفيين والإخوان. وبالطبع فإن وسائل الإعلام خصوصا الفضائيات صارت تلعب دور «منصات الصواريخ» التى تقصف الأبرياء وقوى الثورة بصواريخ فتاكة شعارها الرئيسى هو شن أكبر حملة تشكيك ممكنة فى الثورة ثم بث إشاعات مستمرة حول توقف الإنتاج، والدعوة إلى اختيار رئيس وزراء عسكرى صارم بدلا من عصام شرف الذى يصفه هذا الفريق بأنه «إخوانى وضعيف».
ولسوء الحظ فإن بعض رموز الثورة ــ بحسن نية شديد ــ تطالب بتأجيل الانتخابات تارة لاتاحة الفرصة أمام القوى الجديدة من العمل وتارة أخرى لأن بناء نظام سياسى حقيقى يتطلب وقتا.
علينا جميعا أن نناشد هؤلاء بالتوقف عن فكرة تأجيل الانتخابات لأنها غير عملية لأسباب كثيرة.
بالطبع لا يمكن لنا أن نلوم المجلس العسكرى لأن هناك من يطالبه بالبقاء، ونرحب بتأكيده المستمر أنه متشوق لتسليم السلطة إلى حكومة مدنية منتخبة فى أقرب فرصة ممكنة.
علينا أن نلوم هؤلاء الزنانين ونفضحهم طوال الوقت ليس فقط لمعاقبتهم ولكن حتى لا يتزايد هذا التيار أكثر وأكثر، لأن التاريخ يقول لنا إن إغراء السلطة يصيب الجميع من «أصغر شاويش مخلة» نهاية ببعض أصحاب الانبياء.