نشرت مبادرة الإصلاح العربى ورقة بحثية للكاتب أحمد عبد ربّه ــ أستاذ العلوم السياسية المساعد، جامعة القاهرة ــ تتضمن الورقة قراءة لقانون مجلس النواب الجديد. قبل أيام قليلة من تنصيب المشير عبد الفتاح السيسى رئيسا للجمهورية، اعتمد الرئيس المؤقت عدلى منصور قانونا جديدا لمجلس النواب تبدو ملامحه الأولى ــ رغم بعض المزايا التى تضمنها ــ كمحاولة لتجريف الحياة السياسية الحزبية من معناها، وضمان سيطرة رئيس الجمهورية على مجلس النواب.
قام الباحث أحمد عبد ربه بإيضاح أهم سمات القانون الجديد ولا سيما بالعروج بقدر من التفصيل على ما يتعلق بالنظام الانتخابى الجديد فيه، فى ظل الأوضاع السياسية والاستحقاقات الدستورية التى وفرها دستور 2014 لبعض الفئات المجتمعية مثل المرأة والمسيحيين والشباب والعمال والفلاحين وذوى الإعاقة والمصريين فى الخارج. كما أوضح الباحث أن هذه المميزات هى بالأساس استحقاقات دستورية وفرها دستور 2014 فى مادتيه 243 و244 فى باب الأحكام الانتقالية وهى كلها مميزات وقتية، اذ إن الدستور ضمنها فقط لأول مجلس نواب بعد اعتماد الدستور وهو ما يعنى أن هذه المكاسب قد تذهب أدراج الرياح فى الانتخابات البرلمانية التالية.
ثم انتقل عبد ربه إلى إيضاح أهم عيوب هذا القانون التى تشمل تعزيز النظام الفردى حيث يمثل حوالى 78% من المقاعد فى القانون الجديد، بما يعزز من مخاطر تكريس فساد الحياة النيابية عن طريق سيطرة المال السياسى، ورجال الأعمال، والعصبية القبلية على العملية الانتخابية. وقد تم أيضا تفريغ نظام القائمة الحزبية (22% من المقاعد) من معناه عن طريق اعتماد نظام القائمة المغلقة. واخيرا فإن من عيوب هذا النظام قلة عدد دوائر القائمة ومن ثم اتساع المساحة الجغرافية للدائرة الواحدة مما يؤثر على تجانس المرشحين ويضعف علاقتهم بناخبيهم، فوفقا للنظام الجديد هناك أربع دوائر بالقائمة منها اثنتان صغيرتان، وهو ما يعنى أن تسعة وعشرين محافظة متفاوتة فى المساحة والكثافة السكانية سيتم تقسيمها على 4 دوائر فقط منها دائرتان الواحدة فيهما بها 45 مقعدا، وهو ما يعنى أننا قد نشهد مثلاُ تمثيل كل محافظات الصعيد فى دائرة واحدة، أو محافظات الوجه البحرى كلها فى دائرة أخرى وهكذا سيغيب التجانس عن الدائرة الانتخابية وسينتفى بها أى محدد عقلانى للتصويت، خاصة فى ظل فتح الباب أمام المستقلين للمنافسة فى دوائر القائمة أيضا!.
•••
فى نهاية البحث قدم الكاتب اقتراحات مفصلة بشأن تعديل القانون الجديد ليتضمن تخصيص نسبة أكبر للقوائم الحزبية بما يقلص من العيوب الخطيرة التى من المرجح أن ينتج عنها برلمان ضعيف لا يستطيع أن يقدم أى أحزاب قوية أو ائتلافات حقيقية تمكن المجلس من استخدام الصلاحيات المنصوص عليها فى الدستور لمراقبة ومساءلة رئيس الجمهورية والحكومة. وفى هذا السياق النظام البديل عن الذى أقره قانون مجلس النواب هو:
يتكون البرلمان فى النظام المقترح من 600 مقعد يعين منهم الرئيس 30 عضوا بحسب الدستور على أن يتم انتخاب 570 عضوا.
يتم انتخاب الـ 570 عضوا عن طريق نظام ثلاثى الدوائر، بحيث يتم تخصيص عدد 350 مقعدا (58.3%) لنظام القائمة النسبية، وعدد 120 مقعدا (20%) للنظام الفردى، وعدد 100 مقعد (16.6%) لنظام القوائم المغلقة المشروطة، على أن تكون نسبة الـ5% المتبقية (30 مقعدا) لمقاعد تعين من الرئيس على النحو سالف الذكر.
يتم تقسيم الجمهورية الى 35 دائرة للقوائم النسبية، على أن تكون كل دائرة لها عشرة مقاعد بينما تنقسم الجمهورية الى 120 دائرة فردية وأخيرا الى 5 دوائر مغلقة مشروطة كل دائرة بها عشرون مقعدا لتحقيق الاستحقاقات الدستورية المنصوص عليها فى المادتين 243و244 من دستور 2014.
بالنسبة للدوائر الخمس المغلقة المشروطة، فيتم توزيع العشرين مقعدا على النحو التالى:
• 6 مقاعد على الأقل للمسيحيين فى كل دائرة (إجمالى 30 مقعدا= 5%).
• 4 مقاعد على الأقل للعمال والفلاحين فى كل دائرة (إجمالى 20 مقعدا=3.3%).
• 4 مقاعد على الأقل للشباب فى كل دائرة (إجمالى 15 مقعدا=3.3%).
• 3 مقاعد على الأقل لذوى الإعاقة فى كل دائرة (إجمالى 15 مقعدا=2.5%).
• 3 مقاعد على الأقل للمصريين فى الخارج فى كل دائرة (إجمالى 15 مقعد=5.2%).
• على أن يكون فى كل دائرة من هذه الفئات المشروطة 12 سيدة على الأقل (بإجمالى 60 مقعدا=10%).
وهكذا يحقق النظام المقترح المعادلة الصعبة فى ظل اشتراطات دستور 2014 وكذلك فى تحقيق الموازنة بين النظامين الفردى والقائمة مع إعطاء وزن نسبى أكبر للقائمة.
وأكد الباحث على ضرورة أن تقوم الأحزاب وقوى المجتمع المدنى وكافة المعنيين بحشد قواها من أجل التصعيد واستخدام كافة الطرق المتاحة للضغط على رئيس الجمهورية لإعادة النظر فى القانون واعتماد التعديلات التى تضمن حياة نيابية ومشاركة سياسية حقيقية، قبل فوات الأوان.