إسرائيل صنعت «البيجر» بنفسها ثم فخخته - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الأحد 22 ديسمبر 2024 1:46 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

إسرائيل صنعت «البيجر» بنفسها ثم فخخته

نشر فى : الإثنين 23 سبتمبر 2024 - 7:00 م | آخر تحديث : الإثنين 23 سبتمبر 2024 - 7:00 م

كل يوم نسمع ونقرأ ونعرف الجديد الذى يفسر لنا كيف تمكنت إسرائيل من تفجير أجهزة النداء «البيجر» التى كانت فى أيادى عناصر وبعض قادة حزب الله اللبنانى يوم الثلاثاء الماضى.

هذه العملية هى أخطر ضربة نفسية ومعنوية واستخباراتية يتعرض لها حزب الله ربما منذ تأسيسه، فأمينه العام حسن نصر الله قال بعد الحادث بـ٢٤ ساعة: «لا شك أننا تعرضنا لضربة كبيرة أمنيًا وإنسانيًا وغير مسبوقة فى تاريخ مقاومتنا، وربما فى تاريخ الصراع مع العدو، وقد لا تكون مسبوقة عالميًا».

ويحسب لنصر الله أنه كان شديد الواقعية ولم يكابر، حيث قال نصًا: «الحرب سجال يوم لنا من عدونا، ويوم لعدونا منا، ويوما الثلاثاء والأربعاء كانا بالنسبة إلينا داميين». لكن نصر الله أيضًا كان واضحًا بأنه ومهما كانت العواقب والاحتمالات فإن المقاومة لن تتوقف عن دعم ومساندة أهل غزة.

نعود ونسأل: ما الذى حدث فى هذا اليوم.. وكيف تمكنت إسرائيل من تحقيق هذا الإنجاز غير المسبوق؟!

فى اليومين الأولين كانت السيناريوهات كثيرة، والتوقعات متعددة خصوصًا سيناريو تسخين بطاريات الأجهزة ثم تفجيرها أو سيناريو قرصنة الأجهزة وتفجيرها، لكن من الواضح أنه وبعد 6 أيام تقريبًا، فقد صار لدينا ما يشبه السيناريو شبه المتكامل، طبقًا لما نشرته كبريات الصحف ووسائل الإعلام العالمية.

١٢ مسئولًا أمنيًا واستخباريًا سابقًا وحاليًا فى إسرائيل قالوا لصحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية أن إسرائيل لم تفخخ أجهزة البيجر بل صنعتها، بصورة تشبه «حصان طروادة» العصر الحديث بعد أن علمت أن حزب الله ينوى استبدال الهواتف المحمولة بأجهزة البيجر باعتبار أنه يصعب تتبعها ورصدها واختراقها.

وربما تكون تلك هى اللحظة التى بدأت فيها إسرائيل عمليا التفكير فى بيع هذه الأجهزة لحزب الله.

بعد الحادث تداول البعض نظريات كثيرة، منها أن إسرائيل قرصنت هذه الأجهزة أو تمكنت من اختراقها أو قامت بالتشويش عليها وتسخين بطارياتها ما دفعها إلى الانفجار.

لكن من الواضح إلى حد كبير أن إسرائيل أنشأت أكثر من شركة وهمية تتظاهر بأنها منتج دولى أو وكيل لهذه الأجهزة حتى قبل أن يقرر حزب الله شراءها، الشركة المنتجة الأصلية مقرها تايوان، والشركة الوكيل الأصلية مقرها المجر، وتم نظريًا التعاقد معها لتصنيع الأجهزة، كما أنشأت إسرائيل شركتين وهميتين أخريين لإخفاء الهويات الحقيقية للأشخاص المسئولين عن العملية، وهم ضباط مخابراتها.

الشركة المجرية باعت العديد من الأجهزة لزبائن مختلفين، كما باعت نفس الأجهزة العادية للشركة الإسرائيلية الوهمية، وبالتالى حينما طلب حزب الله شراء هذه الشحنة، فإنه لم يكن يدرى أن الجهة التى يتفاوض معها هى الموساد نفسه!

وعلى حد تعبير ضابط الموساد السابق أفنر أفراهام فإن الأمر بدأ بفرصة، وحينما طلب الحزب شراء أجهزة البيجر، وعلمنا بالأمر قلنا تلك هى فرصة، فلماذا لا نضع شيئًا نريده داخل هذه الأجهزة؟!

الأجهزة خرجت بصورة طبيعية من المجر، لكن هناك احتمالًا أنه وخلال وجودها فى وحدة الجمارك تم تحويلها لمكان ما، وهو ما أدى إلى تأخيرها بضعة أيام، ثم قام الموساد بوضع المتفجرات داخلها، وبالتالى يمكن تصديق الشركات التايوانية والمجرية بأنهما لم يعلما شيئًا.

ضابط الموساد يخمن بأنه جرى استبدال الشحنة الأصلية وتفخيخ أجهزة أخرى مشابهة تمامًا بنفس أرقامها المسلسلة، وتلك هى اللحظة التى تم فيها عمل كل شىء.

قبل التسليم تم فك هذه الأجهزة، ووضع المادة المتفجرة فيها بأعداد صغيرة، مع الاحتفاظ بنفس الأرقام المسلسلة للأجهزة مع العلم بأن المادة المتفجرة يصعب رصدها إلى حد كبير.

وبعد ذلك وحينما وصلت الأجهزة إلى لبنان وجرى توزيعها على عناصر حزب الله، فإن كل ما كانت تحتاجه إسرائيل هو ضغطة زر فقط عبر إرسال رسالة باللغة العربية، وكأنها صادرة من قادة الحزب إلى عناصره، وحينما تم فتح الرسالة تم تفجير كل الأجهزة التى كانت فى حوزة عناصر حزب الله، والبقية معروفة للجميع. وبالتالى وحسب وصف «نيويورك تايمز» فإن إسرائيل لم تتلاعب بأجهزة بيجر حزب الله، بل صنعتها ضمن خدعة متقنة.

هذا ما صار معروفًا وفى انتظار تفاصيل أخرى حتى تتضخ كامل الصورة.

هذه هى الرواية الإسرائيلية وقد تكون تحمل العديد من المبالغات والأساطير وفى انتظار رواية حزب الله. وفى كل الأحوال من المهم دراسة لماذا تتفوق إسرائيل تقنيًا ولماذا يستمر تخلف العرب؟!

عماد الدين حسين  كاتب صحفي