يوم الأحد الماضى التقى الرئيس عبدالفتاح السيسى مع كبار قادة القوات المسلحة وكبار المسئولين فى الدولة فى مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة.
وفى اليوم نفسه، التقى الرئيس مع بعض الزملاء من رؤساء تحرير الصحف القومية والإعلامية ورئيس هيئة الاستعلامات.
الرئيس تحدث فى العديد من الموضوعات المهمة، ويمكن رصد مجموعة من الملاحظات المهمة على هذين اللقاءين:
أولا: فى ظنى أن الملاحظة المهمة حتى لو كانت شكلية وبعيدة عن المضمون هى مكان اللقاء، فى القيادة الاستراتيجية التى تم تدشينها مؤخرا وقبل شهور قليلة، وكان الرئيس حريصا على التأكيد أن هذه القيادة ليست خاصة فقط بموضوعات القوات المسلحة، ولكن بقرارات الدولة الكبرى.
الملاحظة الثانية هى توقيت اللقاء، حيث يأتى بعد أقل من أسبوع على سقوط نظام الرئيس السورى بشار الأسد على يد الميليشيات والجماعات والتنظيمات المسلحة المدعومة من تركيا والولايات المتحدة.
ومن الملاحظات الرمزية إلى المضمون، فإن الملاحظة الثالثة هى إعلان الرئيس السيسى وتأكيده أن مصر تمتلك القوة والقدرة للحفاظ على مقدراتها وعلى أمن وسلامة مقدرات شعبها.
ولا يمكن عزل هذا التصريح المهم عن مجمل تطورات الأوضاع فى المنطقة خصوصا سوريا، خصوصا بعد قيام إسرائيل بتدمير غالبية المقدرات العسكرية للدولة السورية عقب ساعات من سقوط نظام الرئيس بشار الأسد.
إسرائيل مدعومة دعما مطلقا من الولايات المتحدة تتصرف بمنطق الفتوة أو البلطجى الذى يريد أن يعيد تشكيل خريطة الشرق الأوسط من جديد كما زعم رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو بعد لحظات من اغتيال جيشه لحسن نصر الله الأمين العام لحزب الله اللبنانى فى ٢٧ سبتمبر الماضى، وقبله اغتيال العديد من قادة الحزب وبعده اغتيال قائد حركة حماس يحيى السنوار.
كلام الرئيس السيسى أمس الأول طمأن المصريين بأن الدولة المصرية تملك القدرة والقوة للحفاظ على مقدراتها وفى نفس الوقت تحافظ على الاعتدال والتوازن اللازمين فى التعامل مع الأحداث والمتغيرات المتلاحقة، كما تعمل على إنهاء الأزمات وتجنيب المنطقة المخاطر المتصاعدة بالانزلاق إلى بؤر صراع جديدة، وبالأخص نشوب حرب
واسعة بين إسرائيل وإيران.
السيسى أكد على العلاقة التاريخية مع سوريا مشددا على ضرورة الحفاظ على وحدة وسلامة أراضيها وأمن شعبها، وبدء عملية سياسية شاملة لا تقصى طرفا. وكان ملاحظا قول الرئيس إن السفارة المصرية فى دمشق مستمرة فى أداء عملها،
تحتاج مصر وبقية الدول العربية ذات الثقل إلى تنسيق فيما بينها بصورة عملية، حتى لا يستمر العدوان الإسرائيلى مدمرا أمامه ما تبقى من معظم أسس الأمن القومى العربى. أعرف حجم التباينات العربية، لكن الخطر يحيق بالجميع وليس فقط بسوريا أو لبنان أو فلسطين.
عودة ترامب بإدارته المتطرفة يمكن أن تغير فعلا خرائط المنطقة خصوصا بعد احتلال إسرائيل للمنطقة العازلة مع سوريا. وبدء حملات استيطان مكثفة فى الجولان السورى المحتل.
أدرك أن هناك لقاءات عربية عربية مهمة وآخرها ما جرى فى العقبة قبل أيام، لكن السؤال، إلى ماذا انتهت هذه اللقاءات عمليا، وهل ستكتفى فقط ببيانات الشجب والإدانة والاستنكار للاعتداءات الإسرائيلية فى المنطقة وللنفوذ التركى الآخذ فى التمدد من سوريا والعراق إلى الصومال والسودان؟!
الملاحظة الرابعة أن الرئيس السيسى تناول فى تصريحاته الموقف المصرى من العديد من قضايا المنطقة العربية. هو أكد على الموقف المصرى الداعم للشعب الفلسطينى ورفض العدوان الإسرائيلى والتمسك بحل الدولتين..
تطرق الرئيس إلى ضرورة إنهاء الفراغ السياسى فى لبنان وأن عدم الاستقرار فى السودان يمثل تهديدا مباشرا للأمن القومى المصرى، وأن القاهرة تدعم مؤسسات الدولة السودانية. وبشأن ليبيا تحدث الرئيس عن ضرورة وجود حل ليبى ليبى وتشكيل حكومة موحدة جديدة ويتطلب ذلك ضرورة إنهاء وجود الميليشيات والمرتزقة الأجانب وصولا لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية.
ومن الملاحظ أيضا تأكيد الرئيس السيسى على دعم الصومال فى مواجهة كل التحديات وفى جميع المجالات خصوصا الأمنية والعسكرية، وهو موضوع مهم جدا سأحاول العودة إليه لاحقا خصوصا بعد اتفاق المصالحة بين الصومال وإثيوبيا برعاية تركية وتأثيره على المصالح المصرية.