ملامح النصر فى الموصل - العالم يفكر - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 8:48 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ملامح النصر فى الموصل

نشر فى : الأحد 23 أكتوبر 2016 - 8:45 م | آخر تحديث : الأحد 23 أكتوبر 2016 - 8:45 م
نشرت مؤسسة Chatham House مقالًا لـ«سعد الدورى» و«ريناد منصور» الباحثين المتخصصين بشئون الشرق الأوسط، حول ما يحدث فى الموصل ومآلات الأوضاع الحالية وما ستكون عليه الموصل عقب خروج تنظيم الدولة الإسلامية، إضافة لمخاطر عدم التوصل لحل سياسى متفق عليه بين الأطراف العراقية المتنافسة عقب خروج داعش من المدينة.

يستهل «الدورى» و«منصور» المقال بأنه مع الهجمات التى تحدث هذه الأيام بالموصل فإن النقاشات تركز بشكل أساسى على وضع مصير نهائى لتنظيم الدولة الإسلامية بالعراق والشام «داعش» بالقضاء عليه وإخراجه من المدينة، إلا أنه وإلى الآن يعد الجانب الأهم لما بعد الهجوم بدون إجابة: كيف سيكون الوضع فى حال حدوث نصر عسكرى لم يصاحبه اتفاق سياسى بين الأطراف العراقية المتنافسة؟ وما يثير القلق أن المؤشرات ليست مطمئنة على الإطلاق.

يختلف واقع النصر عندما يتم النظر إليه من حيث جوانبه وأبعاده العسكرية والسياسية. ففى الفترة التى سبقت الهجوم كان معظم التركيز على كيف يتم تحقيق نصر عسكري! وهنا تركز الكثير من النقاشات على تركيبة وتشكيلة القوة التى تهاجم تنظيم الدولة. ومن الواضح أن الجيش العراقى تحت قيادة رئيس الوزراء حيدر العبادى سوف يقود العمليات والتحرير داخل المدينة. ومع ذلك فإن الممثلين المدعومين لا يزالون يمثلون ائتلافا هشا مكونا من القوات شبه العسكرية الشيعية تحت قيادة وحدات الحشد الشعبى وقوات البشمركة بإقليم كردستان والوحدات القبلية السنية من المنطقة. كما أن لدى القوات الإيرانية والأمريكية والتركية النية لتقديم الدعم جوًا وبرًا. ولا يزال تقسيم العمل بين ذلك الائتلاف غير واضح بشكل كبير.
***

يشير الكاتبان إلى أنه وعلى الرغم من أن تحرير الموصل يمثل أكبر انتشار للقوات العراقية منذ عام 2003 لكن يبدو أنه سيكون استعدادًا لمعركة طويلة وشاقة لن تنتهى بالقضاء على داعش. لكن الحملة والمعركة ما زالت فى مهدها من أجل تخليص القرى غير الآهلة بالسكان فى الضواحى وعلى الأطراف. ولكن يبقى الانتقال إلى المدينة تحديًا كبيرًا وبخاصة أن مسلحى ومقاتلى تنظيم الدولة الإسلامية تم تأهيلهم وتجهيزهم للمعركة منذ أكثر من عامين ويريدون استغلال تعقيدات حرب المدن بين السكان المدنيين وذلك لأنهم يدركون جيدًا أن الجيش والشرطة العراقيين يسعيان لتجنب سقوط ضحايا من المدنيين والتى قد يتم تفسيرها بأنها عمليات قتل نتيجة لاختلافات طائفية ومذهبية؛ حيث أنه ينظر إليها كمجموعة قوات يقودها الشيعة دخلت أراضى تتركز بها الأغلبية السنية.

لاشك أن هذه الاعتبارات تشكل تحديًا كبيرًا للقوات التى تقودها الدولة والتى قد أدت إلى تعقيد عملية التخطيط، ومع ذلك فإن حرب المدن التى تم التخطيط إليها من المرجح أن تسبب دمارًا واسع النطاق بل وأبعد من مستويات التدمير التى حدثت من قبل فى معارك الفلوجة والرمادى.

رغم أنه من المتوقع خلال هذه المعركة وعملياتها أن تتم السيطرة على مدينة الموصل إلا أنه من غير المحتمل أن يتم القضاء نهائيًا على أنصار ومقاتلى تنظيم الدولة وما سيحدث هو أنها قد تختفى ظاهريًا على أن تتحول بعد ذلك إلى حركة للتمرد وذلك كما فعل تنظيم القاعدة بالعراق من قبل عندما تمت هزيمته من قبل القوات العراقية والأمريكية عام 2008. فما سيحدث هو انتصار عسكرى ثم سيتم إنهاء وجود قيادة داعش فى المدينة وتتم عودة الخدمات التى تقدمها الدولة، كما سيعود الحكم المدنى للموصل فى جميع المحافظات والبلديات، ولكن العنف لن ينتهى بصورة نهائية بشكل فورى الآن.
***

لكن الأهم من ذلك أن القوى والأطراف المقاتلة ضد داعش حتى الآن لم يجلسوا معًا من أجل تحديد شكل النصر السياسى من حيث أبعاده وجوانبه. فأى من الأطراف سيتولى المسئولية فى هذه الأثناء؟ وما هو نظام الحكم الذى ينبغى أن يتم تنفيذه؟ وكيف سيستطيع سكان مدينة الموصل والذين بعدوا عن جميع سياسات الحكومة المركزية قبل عام 2014 أن يتوافقوا مع بغداد؟
وكل ذلك لا يعنى سوى أن قوات التحالف بالعراق ستكون على وشك القتال والنزاع لعدم وضعهم لخطة استراتيجية واضحة لما ستكون عليه الأوضاع عقب القضاء على داعش.

لكن يرى البعض أنه توجد خطط بل خطط عديدة وذلك بسبب وجود مصالح كثيرة متنافسة بين أصحاب المصلحة المعنيين. فى السياق ذاته يقول «بريت ماكجورك« المبعوث الرئاسى الأمريكى للائتلاف الدولى لمكافحة داعش أن هناك العديد من الرؤى المتنافسة لمستقبل الموصل بين أصحاب المصلحة ولكن الأولوية الآن فقط لكيفية القضاء على داعش وإلحاق الهزيمة بها فى المدينة أولًا قبل تسوية أية انقسامات سياسية. وهنا يتساءل الكاتبان هل ذلك التركيز على تلك الأهداف القصيرة دون وضع خطة تشمل جميع الجوانب والأهداف البعيدة هو النهج الصحيح؟!

ويضيفان أن ما يثير القلق أيضًا هو وجود عدد ليس بقليل من الجماعات المحاربة لداعش والخطط المتعلقة بهم مما سيؤثر بالطبع على القتال وفيما بعده؛ إذ سيحاول كل جانب منهم محاولة تأمين ذاته قدر الإمكان تحسبًا لفراغ السلطة فى مرحلة ما بعد القضاء على داعش.

من ناحية أخرى فإن العديد من سكان الموصل ينحدرون من أعراق وطوائف عدة وذلك على عكس سكان المدن التى تم تحريرها من قبل كالفلوجة والرمادى وتكريت. وهذا يعنى أن المصالحة بعد انتهاء الصراعات ستدور حول الحل السياسى وتعقيداته. ومع عدد من القضايا السياسية المعلقة التى لم تحل بعد سواء فيما يخص الموصل أو محافظة نينوى فمن المتوقع الدخول فى عملية وساطة ومفاوضات طويلة وممتدة بين الأطراف المتحدة ضد تنظيم الدولة الإسلامية.
***

يختتم الكاتبان المقال بالتأكيد على أنه دون التوصل لاتفاق سياسى شامل يجرى الاتفاق عليه وتنفيذه فإن النصر العسكرى لن يكون سوى حل على المدى القصير، فضلًا عن أنه لن يكون قادرًا على معالجة القضايا السياسية ذات الجذور العميقة المتراكمة منذ عام 2003. وقد يؤدى ذلك فى النهاية ــ فى حال عدم التوصل والاتفاق على حل سياسى ــ إلى إعادة ظهور تنظيم الدولة الإسلامية أو نشأة جماعات تسير على نهج مماثل فى المستقبل. وأخيرًا فيجب على الزعماء العراقيين ترتيب الأولويات من أجل تأمين مستقبل الموصل وسكانها بوضع استراتيجية لكل ما يتعلق بالحلول السياسية الممكنة لما ستكون عليه الموصل عقب إنهاء وجود التنظيم الإرهابى واتفاق الأطراف المتنافسة على ذلك وأن توضع مصلحة الموصل وسكانها فوق أية اعتبارات.

اقتباس
دون التوصل لاتفاق سياسى شامل يجرى الاتفاق عليه وتنفيذه فإن النصر العسكرى لن يكون سوى حل على المدى القصير، فضلًا عن أنه لن يكون قادرًا على معالجة القضايا السياسية ذات الجذور العميقة المتراكمة منذ عام 2003.
التعليقات