لماذا يتعجب الناس من الاهتمام بزيادة الروابط بين مصر واليونان وقبرص؟ كذلك قامت تركيا بإصدار بيان مناهض للقمة الثلاثية الأخيرة فى محاولة لبسط هيمنتها على الشرق المتوسط.
فى فترة من الفترات «فترت» هذه العلاقة رغم أن علاقة مصر واليونان بدأت مع الإسكندر الأكبر وكانتا مرتبطتين ثقافيا وحضاريا وتاريخيا، ونذكر هذا مع تأسيس مدينة الإسكندرية والمكتبة والفنار كما أن قبرص أصولها أيضا هى فى الحضارة الهيلينية قبل الغزوات العثمانية القديمة والحديثة.
فالربط ليس فقط ربطا كهربائيا أو عسكريا ولكن هذا الربط هو الامتداد الطبيعى للحضارتين المصرية واليونانية حتى أن الأقباط تركوا الهيروغليفية وتبنوا 24 حرفا من الأبجدية اليونانية وأضافوا 6 حروف أخرى من الهيروغليفية لتكون لغة للأقباط والتى أصبحت مع الوقت لغة الشعب فاللغة الكنسية.
ولا ننسى الصداقة بين الرئيس الراحل جمال عبدالناصر ورئيس قبرص الأسقف مكاريوس حتى إن الرئيس الراحل سانده أثناء حركات الانقلاب ضده أما اليوم فهى فضلا عن كونها محفلا بالغ الأهمية لتبادل الرؤى حول سبل زيادة التعاون بين الدول الثلاث فى المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والعسكرية والأمنية، وفقا لما ذكره الرئيس عبدالفتاح السيسى بالعاصمة اليونانية أثينا، فإنها تعد أيضا آلية تعاون من أجل مستقبل أفضل للدول الثلاث والمنطقة بأكملها.
وربما تكون قضايا مكافحة كورونا، والربط الكهربائى، والتعاون فى مجال الطاقة، هى المواضيع الرئيسية الثلاثة لهذه الآلية، فقد شهدت الفترة الماضية تعاونا إيجابيا للغاية بين هذه الدول لمواجهة الوباء، وشهدت أيضا تعاونا غير مسبوق فى مجال الاستغلال الأمثل لموارد الطاقة فى منطقة شرق المتوسط، منذ التوقيع على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية، ثم جاء التطور الأحدث فى التوقيع على الاتفاق التاريخى فى مجال الربط الكهربائى بين الدول الثلاث، والذى أشاد به الرئيس السيسى، بوصفه خطوة تقربنا من الربط الكهربائى مع قارة أوروبا بأكملها، خاصة إذا وضعنا فى الاعتبار أهمية مصادر الطاقة النظيفة لأوروبا تحديدا، ولكل دول العالم، قبل أيام قليلة من انعقاد مؤتمر المناخ بمدينة جلاسجو الأسكتلندية، لبحث الوسائل الكفيلة بمحاربة التغير المناخى.
كما كانت قمة أثينا فرصة جيدة لتنسيق المواقف والرؤى بين الدول الثلاث فيما يتعلق بأهم قضايا المنطقة، بداية من الصراع العربى ــ الإسرائيلى، ومرورا بالوضع فى سوريا ولبنان وليبيا، والموقف فى منطقة شرق المتوسط، والمشكلة القبرصية، حيث ظهر واضحا تطابق الرؤى بين العواصم الثلاثة حول سبل حل هذه القضايا، ومن بينها على سبيل المثال، الاتفاق على ضرورة دعم إجراء الانتخابات الليبية المقررة فى ديسمبر المقبل وفقا لخريطة الطريق التى أقرها الليبيون أنفسهم، وكذلك حتمية خروج جميع القوات الأجنبية والمرتزقة من هذا البلد، من منطلق أن استقرار ليبيا يصب فى مصلحة استقرار منطقة البحر المتوسط بأكملها.
ولعل ما يلخص الأهمية القصوى لآلية التعاون الثلاثى، ولمخرجات قمة أثينا، بالنسبة لمصر تحديدا، هو ما ذكره رئيس الوزراء اليونانى كيرياكوس ميتسوتاكيس من أن مصر تستطيع القيام بدور محورى فى موضوع أمن الطاقة لأوروبا، وهو ما يمثل قضية استراتيجية بالنسبة لليونان، ولأوروبا بأكملها.
لذا، سيكون التعاون الثلاثى بين مصر واليونان وقبرص تعاونا من أجل المستقبل، فهذه الدول الثلاث لها كثير من المشتركات كما نوهنا سابقا وتقاربا فى العادات والتقاليد ولا ننسى أن مصر كانت تقيم فيها جالية يونانية وقبرصية كبيرة مازال البعض منها فى مصر بل يحملون الجنسية المصرية ولا ننسى لهما أن فى أزمة قناة السويس 1956 أبى المرشدون اليونان والقبارصة ترك أعمالهم فى إرشاد سفن قناة السويس أسوة بزملائهم المصريين، فهنيئا بهذا التعاون الفعال .