حضرت من فترة مؤتمرا كان على هامشه نقاش بشأن التحديات التى تواجه إسرائيل. وقد شارك كمتحدثين فى هذه الندوة مجموعة من الدارسين الإسرائيليين والأمريكيين والأوروبيين.
وقد أشار أحدهم بجدية إلى أن «إسرائيل محظوظة بأعدائها» قاصدا عددا من خصائصنا التى يعتبرها هو من عناصر قوة إسرائيل. وقد أشار إلى أربع منها على وجه التحديد: الانقسامات العربية ـــ العربية (بما يؤدى إلى الاعتماد على قوى غير عربية كطرف خارجى لحسم هذه الخلافات وفى نفس الوقت تعميقها)، وغياب الديمقراطية (بما يعنيه من تراجع المحاسبة وشيوع الفساد)، وعدم التوازن فى توزيع الموارد العربية (فحيث توجد الموارد الطبيعية توجد الصراعات السياسية والانقسامات القبلية ويغيب رأس المال البشرى)، والزيادة السكانية غير المنضبطة.
وقد ناقش أحد الحضور المتحدث فى مسألة الزيادة السكانية باعتبارها واحدة من أدوات الفلسطينيين فى حربهم ضد إسرائيل. والغريب أن معظم الباحثين الإسرائيليين قدموا وجهة نظر جديدة بالنسبة لى.
فهم يرون أن الزيادة السكانية بدون درجة عالية من التعليم المتقدم وفرص عمل منتجة وتدريب عسكرى رفيع لا تشكل أى تهديد للدولة العبرية بل هى فى مصلحتها لأنها تعنى زيادة فى معدل الإفقار وفى نسب الإعالة (بدلا من أن تحمل على كتفيك طفلين ستحمل على كتفيك خمسة أو ستة بما سيُعقّد قدرتك على الحركة والإبداع، لأنك ستظل طول الوقت مشغولا فقط بمجرد البقاء حيا
.
وقد أعطى الباحث، الذى يتحدث العربية بدرجة معقولة، مثالا اعتبره دليلا على أن الثقافة الشعبية العربية تخدم إسرائيل من هذه الزاوية وهى شائعة سارت فى مصر خلال التسعينيات أن إسرائيل تصدر لمصر أنواعا من الخضراوات التى تؤدى إلى عقم الرجال.
وهو ما سخر منه، مؤكدا أنه لو تستطيع إسرائيل أن تقدم للرجال المصريين أنواعا من الخضراوات التى تجعلهم ينجبون أكثر وأكثر لفعلت، وأعطى مثالا لمليارات الدولارات التى تخسرها مصر سنويا بسبب الازدحام الشديد فى شوارعها واعتمادها على استيراد غذائها من الخارج بمعدلات متزايدة لإطعام الأعداد المتزايدة من المصريين على حساب تطوير قطاع تقنى عالمى المستوى.
قطعا كلام مثل هذا لا بد أن يوضع على مائدة النقاش الداخلى لاسيما أن أمراضنا الأخرى حاضرة بما فى ذلك تخبط الإدارة وسوء توزيع الموارد وضعف التخطيط والمحاسبة. ضع كل ذلك فى خلاط التخلف مضافا إليه الزيادة فى عدد السكان لتعرف لماذا قال الرجل إن إسرائيل محظوظة بأعدائها.