مصر ليست هبة المجلسين - وائل قنديل - بوابة الشروق
الجمعة 27 ديسمبر 2024 5:27 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مصر ليست هبة المجلسين

نشر فى : السبت 24 مارس 2012 - 9:20 ص | آخر تحديث : السبت 24 مارس 2012 - 9:20 ص

من باب تحصيل الحاصل أن يقال إنهم سيكتبون دستورا لكل مصر، ولكن السؤال الأهم هنا: هذا الدستور سيأتى من وجهة نظر كل مصر، أم أن طرفا منتشيا بأغلبيته سيتحكم فى مضمونه وصياغته؟

 

إن دستور أية دولة فى العالم هو للدولة كلها، ولم نسمع عن دستور أمريكى لواشنطن مثلا، أو دستور فرنسى للشمال أو للجنوب، فالدساتير توضع لكى تمشى عليها الأمة كلها، وتحترمها وتلتزم بها، ولكى يحدث ذلك لابد أن يتشارك الجميع فى وضعه، بعيدا عن الأوزان والأحجام السياسية القائمة فى لحظة ما من عمر الزمن، ولا يجوز أن يتحكم فيه طرف أقوى فى ظروف ما، ويفرض على الأمة اختياراته.

 

والثابت أن الدستور ليس هدية أو منحة من فصيل بعينه، وحين يقول النائب المحترم عن حزب الحرية والعدالة الدكتور محمد البلتاجى «سنكتب دستورا لكل مصر» فإننا نصدقه، لأننا لا نملك ان نكذبه، فالدستور طالما أقر، سواء تحكمت فى صياغته أغلبية إسلامية أو ليبرالية أو يسارية، هو بالضرورة منهاج حياة لكل مصر.. غير أن مصر ليست فقط اللحظة الراهنة، بل هى نتاج أكثر من سبعة آلاف عام من التطور الحضارى والثقافى والاجتماعى، بصرف النظر عمن يحكمها أو يتحكم فى حركتها السياسية، فى هذه المرحلة أو تلك.

 

ولعل ما يتسرب من أنباء عن الطريقة التى تدار بها عملية اختيار أعضاء اللجنة التأسيسية للدستور داخل البرلمان، ما يؤكد أن هناك حالة إصرار شديد على ممارسة الضم والفصل، والإشراك والإقصاء، تبعا لرغبات وأهواء أهل الأغلبية، وكأننا بصدد توزيع مناصب أو هبات، أو كأن مصر هى هبة المجلسين ــ العسكرى والبرلمان ــ ولم تكن شيئا يذكر قبلهما.

 

وحين تسمع وتقرأ عن رفض قاطع لأسماء مثل محمد البرادعى، وعلاء الأسوانى وتهانى الجبال، فلا يمكن أن تطمئن أبدا إلى أن الممسكين بالدفة لا يريدون أن يوجهوا السفينة فى اتجاه بعينه، يرضيهم هم أولا، باعتبارهم ملوك البحر وملاكه، وعليه يصبح من العبث توقع أن الدستور القادم لن يكون مصبوغا بألوانهم المفضلة.

 

وإذا وضعت فى الاعتبار أن خمسين فى المائة من تشكيل اللجنة يأتى من البرلمان بتركيبته الحالية، والنسبة الباقية لابد أن يوافق عليها البرلمان فإن الحصيلة الواقعية أنه سيكون دستور الأغلبية، هنا والآن، علما بأن الأغلبية متغيرة، ومن يهيمن اليوم من الجائز أن يكون على الهامش غدا أو بعد غد.

 

ولكل ذلك وغيره ينبغى أن يكون المطلب الذى يتوحد عليه الجميع هو دستور تضعه كل مصر لكل مصر، وليس دستورا يكتبه الأقوى، ويفرضه على المجموع.

وائل قنديل كاتب صحفي