نشرت صحيفة الاتحاد الإماراتية مقالا للكاتبة سارة مطر، تناولت فيه اتجاه بريطانيا وأمريكا وبعض الدول الأوروبية لحظر استخدام تطبيق الـ«تيك توك» فى دولهم بدعوى ما يشكله هذا التطبيق من خطورة على أمن معلوماتهم، لكن الحقيقة أنه تم اتخاذ هذا القرار نكاية فى الصين تزامنا مع الحرب التقنية المشتعلة بين أمريكا والأخرى... نعرض من المقال ما يلى:
ما الذى تريد أن تصل إليه بريطانيا حينما قررت حظر برنامج «تيك توك»؟ وهل تأتى هذه الخطوة امتدادا لما قامت به الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وعدد من الدول الأوروبية؟ وبدا واضحا أنه خلال العامين الماضيين لم يتوقف الصراع بين ملاك ومؤسسى شركات وسائل التواصل الاجتماعى، فالأمر ليس مجرد برنامج أو تطبيق، إنما قيمة فاعلة فى مختلف بقاع العالم، هذه البرامج تدر مبالغ بالمليارات، فليس من السهولة التساهل فى التعامل مع هذه التطبيقات التى تلقى رواجا هائلا حول العالم.
بالنسبة لى أنا أعتبرها «حربا تقنية»، والهدف منها الاستفادة المالية، مستخدمو التطبيقات لا يهمهم ما الذى يحدث بين الكواليس وبين أباطرة البرامج والتطبيقات والصراعات الخفية أو حتى الواضحة للعلن، وهى تصل أحيانا إلى أبعد ما يمكن من شدة الصراع.
أنا متأكدة من انزعاج الجمهور من هذا القرار وربما لا يتخيل أحد على سبيل المثال من دول العالم الثالث، أن دولا من العالم الأول التى ترى نفسها الأكثر تحضرا وتحررا وليبرالية تمنع تطبيقا لأنها تعتقد أنه من الممكن أن يسبب لها أضرارا. ولو علموا أن معظم العاملين فى مجال التمثيل بسبب بطالة الكثيرين منهم، يستغلون شهرة هذا التطبيق أو ذاك، فتجدهم 24 ساعة ملتصقين به أكثر أحيانا من الجمهور.
ونظرا لأن أسرتى تتضمن أعدادا كبيرة من الأطفال من جميع الأعمار، فكنت أتتبع فرحتهم بهذا التطبيق تحديدا، بل إنهم يفهمون تفاصيل لا أحد يتخيل أن تكون هناك طفلة فى الثامنة أو العاشرة من عمرها، تفهم جميع تفاصيل «تيك توك». والغريب فعليا ومؤكد بالدراسات الاجتماعية أن معظم الأطفال لديهم إدمان على الإنترنت يحتاج إلى علاج، فهم يمتلكون رغبة فى إظهار مواهبهم والتنافس مع الآخرين، ولذلك يبدو «تيك توك» جاذبا لهم، حيث يضخ فى جيوب مشاهير الأموال التى تأتى من الجمهور المعجب بأحدهم.
فى النهاية بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية وغيرهما، أكدوا على أن البرنامج حساس للغاية وأنه يمكنه للوصول إلى معلومات فى غاية الأهمية، لكنهم نسوا أن هناك برامج عديدة يمكنها بالفعل الوصول إلى المعلومات الخاصة للأفراد والحصول على تفاصيل حياتهم واهتماماتهم، ولكن يبدو أن الدول سالفة الذكر ستقوم بشكل عام برفض «تيك توك»، نكاية فى الصين.
وفى معرض حديثه قال وزير الدولة أوليفر دودن، الذى تشمل حقيبته الأمن السيبرانى، أمام البرلمان: «سنحظر استخدام تيك توك على الأجهزة الحكومية»، هنا لربما أتفق معه بشكل كبير، لكن عليه فى المقابل حظر الانستجرام وتويتر وسناب شاب، فوزير الدولة يتهم منتقدى «تيك توك»، الذى يتيح مشاركة مقاطع فيديو قصيرة، ويحظى بشعبية كبيرة بين الشباب، بأنَّه يمنح السلطات الصينية إمكانية الوصول إلى بيانات المستخدمين فى جميع أنحاء العالم، الأمر الذى ينفيه التطبيق.
وقال الوزير البريطانى إنَّ الأمر يتعلّق بإجراء «وقائى»، مضيفا: أننا نعرف أنَّ هناك بالفعل استخداما محدودا لتيك توك فى إطار الحكومة، لكن الأمر عبارة عن نظافة إلكترونية جيّدة... نظرا للمخاطر الخاصّة المتعلقة بالأجهزة الحكومية التى قد تحوى معلومات حسّاسة، ومن الحكمة ومن المناسب تقييد استخدام تطبيقات معينة».
وكانت الصين قد حثّت الولايات المتحدة على وقف «الهجمات غير المبرّرة» على «تيك توك»، بعدما طلبت الحكومة الأمريكية من الشركة الأم الصينية «بايت دانس» التخلّى عن أسهمها فى التطبيق، أو مواجهة حظر لأسباب تتعلَّق بالأمن القومى.
وقال المتحدث باسم الخارجية الصينية وانج وينبين، إنَّ واشنطن «لم تقدّم حتى الآن أدلّة على أنَّ (تيك توك) يهدّد الأمن القومى للولايات المتحدة»، وربما «وينبين» يأمل بذلك، على عكس بريطانيا التى تريد اليوم قبل الغد وقف التطبيق.