إنه لأمر مذهل. وبصورة خاصة فى الوقت الذى تنهار الرؤية نتيجة كارثة 7 أكتوبر، يبدو أن هناك رؤية جديدة ــ قديمة تنضج، وباتت أخطر وأكثر تهديدًا. إنها دونالد ترامب.
فى مقالات الرأى التى تُنشر فى وسائل الإعلام، وفى التصريحات التى تصدر عن الساسة، وفى الردود على الخطوات المختلفة فى مجال العلاقات الإسرائيلية الأمريكية ــ يخرج مؤخرًا العديد من التصريحات التى تعبّر عن حبّ وتشجيع لترامب. هذه التصريحات تهدف إلى الإقناع والشرح بأنه أفضل من جو بايدن، ومن المهم انتخابه رئيسًا مرة أُخرى.
مؤخرًا، نُشر استطلاع للرأى أشار إلى أن 44% من الشعب الإسرائيلى يفضلون ترامب كرئيس، و72% من ناخبات وناخبى نتنياهو يفضلون ترامب. وبكلمات أخرى، رؤية ترامب جيدة لإسرائيل، ويجب نشرها. هذه الرؤية ليست رهانًا فقط، بل هى خطِرة أيضًا، وتهدد الولايات المتحدة والعالم الحر، وفى الأساس إسرائيل. من المبالغ فيه الإشارة إلى أن إسرائيل دولة تتعلق بالولايات المتحدة التى تساعدها أكثر من أى دولة أُخرى فى العالم.
لا أذكر فى تاريخ المنافسات الانتخابية الرئاسية فى الولايات المتحدة، أن أعلن مرشح بصراحة ما سيقوم به عندما يُنتخب رئيسًا ــ وما الذى سيقوم به عندما يخسر. هذا بالضبط ما أعلنه ترامب منذ تبين أنه المرشح الجمهورى للرئاسة فى سنة 2024. لقد أعلن أنه عندما يُنتخب رئيسًا، فإن أول ما سيقوم به سيكون تحرير جميع المتهمين الموجودين فى السجون بسبب مشاركتهم فى الهجوم العنيف والقاتل على مبنى «الكابيتول».
كما أعلن أنه يعمل على اعتقال المسئولين الذين أزعجوه خلال رئاسته، وامتنعوا من تنفيذ أوامره. الأسبوع الماضى، أعلن أيضًا للمواطنات والمواطنين فى الولايات المتحدة أنه فى حال خسر الانتخابات، فسيسيل الدم فى أمريكا»، و«ستكون هذه الانتخابات الأخيرة فى الولايات المتحدة». لا أكثر ولا أقل.
المُقلق بشأن رؤية ترامب الخطِرة هو التخوف من أنها ستكون جزءًا مما يقوم به رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو فى مقابل الرئيس بايدن. ممنوع إلغاء احتمال أن يكون الدافع وراء استفزازات نتنياهو لبايدن، ومحاولاته خلق مواجهة معه، هو اعتقاده أنه سيخسر بعد أشهر قليلة، ويتم انتخاب صديقه الأفضل دونالد ترامب.
ما لا يفهمه نتنياهو ولا يريد فهمه، هو أن ترامب لن يكون ترامب نفسه الذى كان قبل 4 أعوام. فهو ليس فقط لم يعد صديق نتنياهو، بل إنه يسخر من نتنياهو ويتعامل معه باستهزاء. مسئول يهودى كبير قال إن «حقيقة أن بايدن هو الرئيس خلال الحرب ضد حماس هى هدية من السماء». مضيفًا: «لو كان ترامب الرئيس الآن، فكان سيرسل بعض المساعدات العسكرية لإسرائيل فى أعقاب الضغوط. لكن من الواضح أنه لم يكن ليبادر، أو يفكر حتى فى منح إسرائيل 17 مليارًا كمساعدات مالية فى وقت الحرب».
التصريحات التى صدرت عن ترامب فى الأيام الأخيرة بشأن الحرب التى تديرها إسرائيل ضد «حماس» ومطلبه بوقف فورى لإطلاق النار، هما الدليل على الخطر المتوقع منه لإسرائيل، إذا تم انتخابه رئيسًا.
عمليًا، الوضع الذى يعيشه ترامب ليس جيدًا، وليس مشجعًا فى المنافسة الانتخابية. فهو شخصيًا لا يملك المال، وأعلن محاموه أنه لن يستطيع دفع الغرامات التى فُرضت عليه بقيمة 400 مليون دولار. وبحسب الأخبار المحدثة، فإنه لا يملك المال للحملة الانتخابية، ولا يوجد لديه متبرعون.
الخلاصة هى أن رؤية ترامب التى تتغلغل فى أوساط كثر من الشعب الإسرائيلى ليست أكثر من واهمة، وهى كارثة على إسرائيل.
شلومو شامير