هل هى نهاية اللعبة فى غزة؟ - العالم يفكر - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 9:57 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

هل هى نهاية اللعبة فى غزة؟

نشر فى : الإثنين 24 يوليه 2017 - 9:30 م | آخر تحديث : الإثنين 24 يوليه 2017 - 9:30 م

نشر مركز بروكنجز مقالا للباحثة «بيفرلى ميلتون إدواردز» عن تطورات الأوضاع فى غزة فتقول يبدو خبر إبرام قادة حماس فى غزة اتفاقا جديدا مع زعيم فتح السابق محمد دحلان وكأنه مؤشر لبدء مرحلة جديدة، ليس فى السياسة الفلسطينية فحسب، بل فى الساحة الفلسطينية ــ الإسرائيلية والإقليمية العربية عموما. وما كان يبدو بعيد المنال أصبح اليوم حقيقة واقعة، نظرا لتحول موازين القوى بسبب أزمة مجلس التعاون الخليجى الحالية مع قطر.
فهناك تاريخ حافل بالضغائن بين حماس ودحلان. فعندما كان هذا الأخير يشغل منصب مدير الأمن الداخلى فى غزة، أمر بإجراء حملات تطهير ضد حماس. وطوال الفترة التى استغرقها اتفاق أوسلو والانتفاضة الفلسطينية الثانية، جعل دحلان قوات الأمن التابعة له تعتقل قادة حماس وكوادرهم. وأثناء هذه الاعتقالات، انتشرت مزاعم بأن شخصيات كبيرة فى حماس قد أهينت، بل وحتى تعرضت للتعذيب.
فى يونيو 2007، تعرض رجال دحلان فى غزة للإهانة من قبل حماس. ووصف مسئولون أمريكيون كبار الرئيس عباس والقيادة السياسية لحركة فتح فى رام الله بأنهم شكلوا عقبة أمام عمل قادة دحلان الميدانيين فى غزة أكثر مما ساعدوهم. وفى اجتماعات طارئة عقدها مجلس فتح ــ تغيب دحلان عنها ــ اضطر الرئيس للاعتراف بأنه استنفذ جميع الوسائل لحل الوضع فى غزة. واضطر العديد من مساعدى دحلان الموثوقين إلى الفرار من غزة تحت جنح الظلام. إذ نفيوا وأجبروا على هجر مكاتبهم وفيلاتهم الفخمة وسياراتهم.
تضيف الباحثة أن الرئيس عباس يبدو كأنه جعل دحلان يدفع ثمن هزيمة فتح فى غزة. فقد تم فصله لاحقا من فتح، وأرغم على العيش فى المنفى فى دولة الإمارات العربية المتحدة. وبعدها، وجهت إليه غيابيا اتهامات بالفساد ضمن قرار اتهام قيل إنه أجيز من قبل الرئيس عباس. وقد طال أمد الخلاف بين قياديى فتح الخصمين. كذلك، عزلت حركة حماس فى غزة، ما أدى إلى معاناة الغزاويين. وفرضت إسرائيل حصارا على القطاع استمر عشر سنوات طبقته مصر. ورغم أن الرئيس عباس كان قد أقر دفع رواتب موظفيه العموميين فى قطاع غزة، إلا أن هذه الرواتب قد خُفضت.
وفى الآونة الأخيرة، بدا واضحا أن الرئيس عباس أراد أن يزيد الضغط على المدينة، إذ طلب من إسرائيل خفض إمدادات الكهرباء لأهالى غزة، بهدف الضغط على حماس. وقد حذرت بعض الوكالات الدولية، مثل اللجنة الدولية للصليب الأحمر، من «انهيار ممنهج» للبنية التحتية والاقتصاد فى غزة.
دحلان وحماس الآن على عتبة عهد جديد من العلاقات. ما يعنى أنه لا بد من تنحية عداوات الماضى العميقة جانبا، إذ يبدو ــ وفقا للباحثة ــ أن الطرفين سيتحدان فى وجه عدوهما المشترك، الرئيس عباس.
***
فمنذ انهيار حكومة الوحدة الوطنية فى العام 2007، بذلت كل من حماس وفتح محاولات لا حصر لها، غالبا بوساطة مصرية، لتقاسم السلطة فى هذا الجيب الساحلى الصغير. لكن خطط تقاسم السلطة فى قطاع غزة قد باءت بالفشل. ومن الناحية السياسية، ظل جناح فتح بقيادة الرئيس عباس غائبا فعليا فى غزة.
فى البداية بدا أن الأخبار حول اتفاق بشأن تقاسم السلطة بين حماس ودحلان ــ بعنوان «وثيقة وفاق وطنى لبناء الثقة»ــ لم تحمل شيئا جديدا. تتناول بنود الوثيقة إجراءات مهمة لبناء الثقة ضرورية لإتمام المصالحة ووضع حد لحالة الانقسام، مثل دفع تعويضات لضحايا العنف بقيمة تتراوح بين 50 و100 مليون دولار أمريكى.
غير أن الاقتراح الحالى يقدم عرضا مختلفا. أولا، تمخض الاتفاق فعليا عن إنشاء لجنة مشتركة «للتضامن الاجتماعى» بين حماس وجناح فتح الذى يقوده دحلان. وسوف يعمل سامى مشراوى، الحليف المقرب من دحلان، مع قادة حماس فى غزة لتقديم المساعدات الإغاثية والتخفيف من وطأة الفقر على سكان القطاع، باستخدام تمويلات ربما تصل قريبا من دولة الإمارات العربية المتحدة.
ثانيا، سوف تعود حركة فتح ــ بقيادة محمد دحلان ــ إلى غزة وسوف تحكم على الأرض إلى جانب حماس. وسيحظى جناح فتح هذا بدعم ورعاية مصر والإمارات العربية المتحدة، وبشكل غير مباشر إسرائيل والولايات المتحدة.
ثالثا، يقر الاتفاق الجديد بأنه حتى لو عاد دحلان إلى غزة، فإن حماس ستبقى مسئولة عما يسمى «ملف الأمن الداخلى» والرد على أى عدوان إسرائيلى. لكن الأمر الذى ترك غامضا عمدا هو مسألة الأمن الخارجى على حدود غزة مع إسرائيل ومصر، التى كان رجال دحلان يسيطرون عليها فى الماضى.
رابعا، لن يركز اتفاق تقاسم السلطة هذا على تحديات الوضعين الإنسانى والاقتصادى البائسين فى غزة فحسب، بل سوف يوجه أنظاره إلى موقع الرئاسة الذى يشغله الرئيس عباس فى رام الله. وهذا يشكل تهديدا مباشرا للرئيس عباس، ويؤكد مرة أخرى وجهة النظر القائلة بأن دحلان يمكن أن يكون خلفا للرئيس المريض.
وقد أدى هذا الاحتمال إلى تكهنات بأن هذا سيكون المشروع الجديد «لدولة ــ غزة» وأنه سيكون برئاسة محمد دحلان. وقد استبعد قادة حماس هذا الأمر بشكل قاطع، لكن هذا لا يعدو كونه محاولة للدفاع عن النفس من موقف ضعيف. إذ لم يعد لديهم خيارات سوى القبول بدحلان وبالموقف المصرى ــ الإماراتى. وقد قدم قادة حماس الاتفاق على أنه خطوة نحو الوفاق الوطنى وإنهاء حالة الانقسام.
***
تنتقل الباحثة للحديث عن عواقب عودة دحلان إلى غزة وظهور الموالين له مجددا فى مواقع الحكم. إذ قد يشير هذا السيناريو إلى انحسار دور قطر وتركيا فى غزة، واستبدالهما بدولة الإمارات ومصر. علما بأن إسرائيل قد ترحب بهذا الاستبدال بطريقة إيجابية.
مصر والإمارات العربية المتحدة هما من الجهات الفاعلة الإقليمية التى تشعر إسرائيل بالارتياح إزائهما. وتتشارك هذه الدول الثلاث مواقف متشابهة من حماس ومن موضوع مكافحة الإرهاب. وكل حماس ودحلان يدركان الدور المحورى الذى تؤديه مصر.
لقد وضعت مصر مسبقا فريقا تقنيا فى غزة لتقييم الاحتياجات العاجلة بهدف تحديد أولويات المساعدة. تنتهز حماس هذه الفرصة وتضمن لمصر بالمقابل مسألة مكافحة الإرهاب مع تقديم ضمانات أمنية ــ لاسيما وأن ذلك يتعلق بمراقبة الحدود والتصدى للتهديدات الآتية من شمال سيناء.
يدرك قادة حماس أنه يتحتم عليهم إعادة بناء الثقة والمصداقية مع المصريين. ومن الواضح أيضا أن دولة الإمارات العربية المتحدة مستعدة لتمويل الاتفاق والخطط الساعية إلى تحسين حياة الغزاويين العاديين وتثبيت خطة حماس ــ دحلان. بموجب هذه الخطة ستكون غزة قادرة على الوصول إلى العالم الخارجى عبر مصر. ومن شأن هذا أن يحول دون وقوع أزمة إنسانية تلوح فى الأفق وأن يتيح فرصا للانتعاش الاقتصادى.
تختتم الباحثة بموقف الولايات المتحدة التى ستشعر بالقلق إزاء الاتفاق الجديد فى غزة، لكنها ستكون سعيدة بالتنحى وإفساح المجال لتطبيقه، حيث تعلم واشنطن أنها تستطيع الاعتماد على مصر ودولة الإمارات العربية المتحدة لغل يد حماس وتقييدها بطرق تدعم أجنداتها الخاصة التى تتماشى مع مصالح إسرائيل. كما تدرك أنه من الأفضل الحصول على مصر السيسى لقيادة هذا الجهد الخاص فى مكافحة الإرهاب من حيث صلته بغزة وشمال سيناء، بدلا من الرئيس عباس الغائب.

النص الأصلى

التعليقات