يقول الشيخ محمد الغزالى فى كتابه (الفساد السياسى فى المجتمعات العربية والإسلامية): «إن الديمقراطيات الغربية إجمالا وضعت ضوابط محترمة للحياة السياسية الصحيحة، وينبغى أن ننقل الكثير من هذه الأقطار لنسد النقص الناشئ عن جمودنا الفقهى قرونا طويلة».
وهى مقولة تفتح نقاشا حول تعليق للأستاذ ناجى شكرى ناقدا الديمقراطية بعد أن قرأ مقالا لى ووجد: «خلطا بين مفاهيم الإسلام وبين مفاهيم الغرب الديمقراطى الحر الذى يسمح برسوم مسيئة للأنبياء، وحظر مآذن المسلمين بسويسرا، وقتل مسلمة بألمانيا لأنها مسلمة محجبة، ومنع الحجاب بمدارس فرنسا. هذا غير التبرعات من الشركات والهيئات الغربية لإسرائيل، بخلاف الهجمات الدموية على مسلمى البوسنة والعراق وأفغانستان.. سؤال للكاتب هل الديمقراطية منعت رئيس وزراء بريطانيا من غزو العراق بدون سبب؟ وهل نفس الديمقراطية منعت فرنسا من استخدام أراضى الجزائر حقل تجارب نووية؟».
والرد على هذا السؤال يطول، ولكن فى حدوده الدنيا أنقل ما قال به الأستاذ خالد عصمت تحت عنوان: «الديمقراطية لخدمة أهلها»: «الديمقراطية تعنى الحرية لأهلها وليس للعالم الخارجى. الديمقراطية الأمريكية تفيد الأمريكان وليست من أجل مصلحة المصريين. والمفروض أن الديمقراطية المصرية تفيد المصريين وليس الإسرائيليين».
أزعم أن مسئولية الديمقراطية عن كل المآسى التى ذكرها الأستاذ ناجى هى بنفس قدر مسئولية الشريعة عن ضرب الحجاج للكعبة بالمنجنيق. فلا الديمقراطية تبرر كل هذه الأخطاء، ولا الشريعة تبرر مثل هذه الفعلة الشنعاء.
وهو ما يأخذنى إلى قضية أخرى أثارها بعض القراء بشأن غياب القيم المعنوية عن الغرب، وكان الرد من أحد المعلقين الذى (رمز لنفسه باسم منتقد) قائلا: «إلى الذين يرددون الكليشهات المحفوظة عن الغرب المادى ولا يرون إلا المثليين وإعلانات الإثارة يختزلون بها كل ما حققه الآخرون من تقدم معنوى قبل أن يكون ماديا لأنه لا تقدم ماديا بدون تطور الإنسان الذى يصنع التقدم. أقول لا داعى لهذا التشويه المتعمد الذى يريح المتخلف ولا يدفعه إلى الأمام خطوة فهل إتقان العمل والتفانى فيه من الماديات؟ هل قدوم شباب وشابات يتعرض بعضهم للموت وقوفا إلى جانب المظلوم فى فلسطين من الماديات؟ لا تنظروا فقط لصفيحة نفايات الغرب، فليس الغرب بهذه الصورة التى تعشش فى رءوسكم ولا تخلطوا سياساتهم بحقيقة حضارتهم التى ساهمنا نحن فيها لأن هناك عندهم من يعارضها ويخرج إلى الشارع ليعارضها...كفانا أوهاما نريح بها أنفسنا مثل التلميذ البليد».