الرجعية تعود - جميل مطر - بوابة الشروق
السبت 21 ديسمبر 2024 6:51 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الرجعية تعود

نشر فى : الأربعاء 25 يناير 2012 - 8:55 ص | آخر تحديث : الأربعاء 25 يناير 2012 - 8:55 ص

«حملت الأسابيع الأخيرة أجواء سيئة سادت أجزاء من المجتمع الإسرائيلى. ففى منطقة كريات ملاخى رفض الملاك بيع المنازل لمن هم من أصول إثيوبية.

 

و(فى أنحاء أخرى من إسرائيل) تشدد الحريديم فى مطالبتهم بفصل النساء عن الحياة العامة. وفى الكنيست استخدمت إحدى أعضائه (أناستاسيا ميخائيلى من حزب إسرائيل بيتنا اليمينى المتطرف) سلوكا فظا تجاه زميل لها حين ألقت عليه كوب ماء. (وزميلها هذا هو غالب مجادلة من أصل عربى وينتمى إلى حزب العمل).

 

تدل هذه الحوادث على أن شيئا قبيحا وخطرا قد حدث فى دولة إسرائيل.. اليوم وفى توقيت لافت، أى بعد مرور عقدين على هجرة اليهود الإثيوبيين إلى إسرائيل، يرفض سكان كريات ملاخى قبولهم بينهم بسبب لون بشرتهم.. الأسوأ أن ما يحدث ليس ظاهرة معزولة، وإنما هناك موجة رفض لأبناء اليهود الإثيوبيين فى المدارس ورياض الأطفال فى مدن أخرى مثل بتاح تكفا. ما ذنب هؤلاء إذا كان الله قد خلقهم من لون مختلف عن اليهود الآتين من الولايات المتحدة وأوروبا والشرق الأوسط.

 

لماذا ننعت جنديات وجنود من دول الاتحاد السوفيينى سابقا بالمافيا الروسية، ولماذا لا نرى المساهمة التى يقدمونها للمجتمع الإسرائيلى بمختلف قطاعاته؟

 

تعرفت إلى جنود من الحريديم (جنود متدينون) قاموا فى الأعوام الأخيرة بخطوة مهمة من أجل الاندماج فى المجتمع الإسرائيلى، وذلك بقبولهم القيام بالخدمة العسكرية.. ولكنى لا أقبل الإملاءات التى تفرضها الأطراف المتشددة من الحريديم التى نصبت نفسها تتحدث باسم الله وتطالب بعدم السماح للنساء بالظهور أمام الجنود.

 

إذا أردنا أن نكون فى مصاف الدول المتحضرة علينا أن نزيل هذه الأجواء السيئة من بيننا.. لن أسمح لأحد أن يفرض على الجيش ظواهر تعود إلى عصور الظلام».

 

انتهت المقتطفات من مقال كتبه إيهود باراك وزير الدفاع الإسرائيلى ونشرته صحيفة معاريف فى 20 يناير الجارى.

 

●●●

 

«هل يمكن أن يخفى المطلب الدينى إلى النساء بارتداء ملابس وقورة رغبة الرجال فى التحكم فى أجساد النساء، على عكس الشائع أن وراءه غرضا دينيا أو أخلاقيا. الشواهد فى إسرائيل تؤكد أن الغرض هو الرغبة فى التحكم فى أجساد النساء أكثر من أى شىء آخر. حدث فى الشهر الماضى أن طفلة تدعى ناعمة مارجوليس فى الثامنة من عمرها، كانت تسير فى أحد شوارع مدينة بيت شميس متجهة إلى مدرستها الدينية عندما خرج عليها متطرفون دينيون، كلهم من الرجال، اعتبروا ملابسها غير لائقة فانهالوا عليها بصقا وتحرشا.. من ناحية أخرى تعددت حوادث استخدام العنف فى الحافلات العامة لإجبار النساء على الانتقال إلى مقاعد خلفية مخصصة لهن. حوادث كثيرة من هذا النوع تدور حول مكانة المرأة فى المجتمع، وحق المرأة فى الظهور والمشاركة فى الحياة العامة.

 

إذا سألت يأتيك رد المتشددين الدينيين بأنها دعوة إلى التمسك بأصول الدين، فالمرأة يجب أن ترتدى ما يغطى كل جسمها وأن تختفى عن أنظار الرجال حتى لا تأتيهم أفكار جنسية غير سليمة. بمعنى آخر تبدأ القاعدة الدينية (فى المجتمع اليهودى) بأفكار تتعلق بغرائز الرجال الجنسية وتنتهى بأن يفرض الرجال سلطتهم على أجساد جميع النساء.

 

ومع ذلك، ينص التلمود على أن المسئولية تقع على الرجال وليس النساء، إنها مسئوليتك أيها الرجل. بينما يقول المتشددون اليهود إنهم بحملتهم هذه يؤكدون تشريفهم للمرأة، يقولون.. نساؤنا أكثر من مجرد أجساد، ولذلك يجب تغطية هذه الأجساد تغطية كاملة.

 

فى الحقيقة، عندما يقول اليهود المتشددون إن جسد المرأة يجب أن يختفى عن الأنظار، فهم يقولون فى الواقع إن المرأة.. شىء يثير غرائز الرجل. لذلك فإن واجب المتشدد أن يراقب كل امرأة ليتأكد من أن طرفا من جسدها غير مكشوف. المرأة فى نظر هؤلاء ليست شخصا كاملا، إنما هى دائما حافز محتمل لارتكاب الخطيئة.

 

إن المتشدد اليهودى الذى يشغل باله بما ترتديه طفلة عمرها 8 سنوات يخطئ فى حقها لأنه يفكر فيها كما يفكر فى عاهرة أو زانية، إنه ظلم بيّن للطفلة البريئة بل لكل أطفال المجتمع. يتعامل معها بمنطق أن الضحية مسئولة وليس الجانى.. إنها فى الحقيقة مسئولية الرجل الذى لا يقدر على تحويل سيل أفكاره بعيدا عن المرأة.. الحل فى نظر هذا الرجل هو أن تختفى المرأة.. لا تظهر أمامه. الحل أن تبذل المرأة جهدها لتحمى الرجل من أفكاره، الحل أن تلغى أنثويتها فى وجوده.

 

يحدث هذا باسم التلمود وقوانين اليهود. والتلمود ليس بريئا تماما، فالرجل حسب التلمود لا يحق له أن يحملق جنسيا فى المرأة، بل لا يحق له أن تقع عينه على أصغر أصابعها. لا يحق للرجل أن يرى أى رداء نسائى ذى لون فاقع، حتى لو كان الرداء معلقا ليجف».

 

انتهت المقتطفات من مقال كتبه دوف لينزر فى صحيفة نيويورك تايمز فى عددها الصادر يوم 19 يناير الحالى.

جميل مطر كاتب ومحلل سياسي